ندوة حوارية بعنوان (العلاقات العراقية-البريطانية: افاق التطور في ظل التجربة الديمقراطية)
استعرض السفير ويلكس في حديثه اهم أولويات الحكومة البريطانية في علاقاتها مع العراق، ولخصها: عسكريا وامنيا بالقضاء على داعش تنظيما وفكرا، وسياسيا مساعدة بريطانيا الحكومة العراقية لتحقيق الاستقرار في العراق بشكل كامل اما البعد الثالث فهو اقتصادي يتمثل برغبة الحكومة البريطانية والشركات البريطانية الاستثمار في العراق. السفير الذي عمل لفترات مختلفة في العراق منذ 2003 تحدث عن تجاربه الشخصية وعقد مقارنات بين تلك الفترات التي عمل بها وخلص الى ان الوضع في العراق يتجه للتحسن من خلال تشخيص بعض المؤشرات، منها ازدياد الوعي السياسي للشعب العراق وبروز جيل شاب طامح للإصلاح والتغيير، ولم يخلو حديث السفير عن تشخيص المشكلات التي يمر بها العراق والتي تحتاج الى معالجات جدية اهمها تعزيز الروابط بين المكونات العراقية خصوصا بين العرب الشيعة والسنة وضرورة خلق بيئة استثمارية ناجعة. وقد رافق السفير في زيارته لمركز الرافدين للحوار سفير بريطانيا في إيران السيد نيكولاس هابتون إضافة الى مجموعة من موظفي السفارة البريطانية في العراق، وحضر الندوة مجموعة من النخب الدينية والأكاديمية والسياسية ورجال الاعمال من النجف الاشرف.
اهم مخرجات ندوة "العلاقات العراقية-البريطانية: "افاق التطور في ظل التجربة الديمقراطية":
1- التعاون العسكري والامني مع العراق من أولويات الحكومة البريطانية، وذلك من اجل القضاء على تنظيم داعش بشكل نهائي، مع التركيز على المحاربة الأيدلوجية للتنظيمات المتطرفة فكريا، بسبب الخطر الذي يشكله المسلمون البريطانيون المتطرفون على المجتمع البريطاني.
2- تسعى بريطانيا لمساعدة الحكومة العراقية على تحقيق الاستقرار في جميع انحاء العراق، فالتحسن الأمني الذي يشهده العراق لا يلغي وجود مشاكل مقلقة كالوضع في كركوك وبعض محافظات الشمال ومشكلة النازحين، فضلا عن المشاكل التي تعيشها محافظات الوسط والجنوب نتيجة التهميش الذي مورس ضدها عبر العقود الماضية.
3- العلاقات التجارية والاستثمارية تأتي في بداية أولويات التعاون البريطاني-العراقي، اذ ان وجود الفرص والامكانيات لتحقيق استثمارات مفيدة للطرفين تشكل دافعا مهما للتعاون في هذا المجال، ومن اجل خلق بيئة استثمارية مناسبة لدخول الشركات والمستثمرين البريطانيين للعراق فان بريطانيا ساعية لمساعدة العراق في بناء دولة المؤسسات ومكافحة الفساد.
4- الوضع السياسي في العراق بشكل عام يتجه للأفضل، فبالمقارنة مع سنة 2010 يلاحظ ان بعض جوانب تعزيز الديمقراطية قد شهدت تطورا مثلا حرية الاعلام التي اصبحت أفضل بالوقت الحاضر كما ان الثقافة السياسة قد تعمقت نتيجة لطول التجربة والاهم من ذلك ان الوعي السياسي للشعب العراق قد نمى بشكل إيجابي، اذ ان العراقيين اليوم باتوا يميزون بين السياسي النزيه ولو نسبيا وبين السياسي الفاسد ولو نسبيا وهو امر مهم في تحديد حسن الاختيار في الانتخابات مثلا.
5- الجيل الجديد من الشباب، أي أولئك الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما والذين لم تتأثر تجربتهم السياسية بفترة حكم النظام المباد لحزب البعث، لديهم في الوقت الحاضر أفكارا بناءة تتعلق بالتغيير والإصلاح للنظام السياسي الحالي مما يعطي الامل بإمكانية التغيير نحو الأفضل بالطرق السلمية التي تقرها الديمقراطية.
6- التباعد الموجود بين المكونات الرئيسية للشعب العراقي وخصوصا بين المكونين العربيين من الشيعة والسنة يؤثر سلبيا على مستقبل العراق، وان مفارقة وجود روابط بين بعض المكونات ودول مجاورة-وان كانت قوة الروابط تلك مفهومة ومطلوبة- اقوى من الرابطة البينية بين المكونات العراقية يمكن ان تؤدي الى تفتيت العراق. فلا بد من ان تكون الروابط البينية العراقية –العراقية اقوى من أي رابطة أخرى.
7- الوضع السياسي والاقتصادي في العراق يدفع الحاجة الى ان يكون رئيس الوزراء القادم ممن لهم القابلية على تعزيز جسور الثقة بين المكونات العراقية وخصوصا ضمن المكون العربي بجزئية الشيعي والسني، كما ان الفهم الجدي للاقتصاد والعمل المؤسساتي هي صفات يجب ان يتسم بها رئيس الوزراء القادم كون ان المشاكل الاقتصادية والمؤسساتية التي يعاني منها العراق تحتاج الى حنكة ودراية عاليتين لتدارك اثارها السلبية.
8- رغبة الشركات البريطانية للاستثمار في العراق تصطدم بمعوق افتقار البيئة الاستثمارية الناجعة في العراق، فالبحث عن الربح الاوفر والفرصة الأفضل هي سمة الاستثمار، وغالبا ما تقارن الشركات البريطانية تلكما الجزئيتين أي الفرصة والربح بين ما يوفره العراق وما توفره دول الخليج الأخرى التي توفر ميزة تنافسية أفضل للشركات المستثمرة مما يدفعها للعمل في الخليج. وبالتالي فان جذب الاستثمار يتوفر على المقدرة على خلق البيئة الملائمة له.
9- خلق بيئة استثمارية ناجعة جاذبة للشركات الاستثمارية العالمية يتوقف بشكل كبير على انهاء العقلية الاشتراكية الموجودة في ذهنية البيروقراطيين والسياسيين العراقيين والتي تعتبر الاستثمار نوعا من الاستعمار او وسيلة من وسائل سرقة الثروات الوطنية.
10- ان خيار الشراكة مع دول المنطقة او الدول العظمى هو خيار عراقي، فالعراقيون بإمكانهم اختيار الشراكة او الحوار او رفضها وهي غير مفروضة عليهم، ولكن هناك رغبة من المجتمع الدولي وبضمنه بريطانيا لمساعدة العراق من خلال الشراكة والتي ينبغي ان تكون متوازنة مع جميع الدول.
11- نسبة زيادة عدد السكان في العراق مرتفعة جدا 3% سنويا، ومع تلك النسبة فان عدد السكان الحالي في العراق ربما يقترب من 40 مليون نسمة، وهذا عامل يجب ان يدفع الحكومات للعمل بجدية من اجل تامين مستقبل الأجيال القادمة من خلال خلق بيئة استثمارية أفضل.
12- ان العاملين الأساسيين المشجعين للاستثمار في العراق من وجهة نظر البريطانيين هما عدد السكان الذي يقترب من 40 مليون نسمة ما يعني سوقا واعدة ويضاف له الطاقة التصديرية للنفط والبالغة خمسة ملايين برميل يوما ما يعني ثروة مستمرة، واما بقية المعوقات والمشاكل فهي قابلة للحل والتجاوز بمرور الوقت.
13- تؤمن بريطانيا بضرورة تحسين الدول العربية لعلاقاتها مع العراق، وقد سعت بريطانيا بذلك الخصوص من خلال سفاراتها في العديد من الدول العربية خصوصا الخليجية منها، ومن تلك المساعي هو الحديث ودفع المملكة العربية السعودية على مدى سنتين لتطبيع علاقاتها مع العراق وقد انتجب تلك المساعي تطبيع السعودية لعلاقتها مع العراق وفتح السفارة السعودية في بغداد.
14- حجم الفساد المستشري في العراق يبلغ من السعة بحيث يصعب معالجته دفعة واحد، ومن هنا فان أفضل طريقة للقضاء على الفساد هي المكافحة التدريجية أي مد جسور عبر مستنقع الفساد ومن ثم توسيع تلك الجسور حتى يقضى على الفساد كليا، البنوك الدولية المختلفة وبالأخص البنك الدولي يمكنها ان تلعب دورا مهما في تلك العملية لأنها القادرة على فرض رقابة على الأموال وحركتها.