ضمن سلسلة النشاطات الفكرية عقد مركز الرافدين للحوارRCD  حلقة نقاشية بعنوان " مراكز الدراسات ودورها في صناعة القرار وبناء المؤسسات"، استضاف فيها الباحثة د. لينا الخطيب مسؤولة برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا في معهد جاثام هاوس-المملكة المتحدة Chatham House، إضافة الى الباحثين في المعهد ريناد منصور وزيد العلي، حضر الحلقة النقاشية التي اخذت شكل الطاولة المستديرة نخبة من أساتذة جامعة الكوفة، فضلاً عن مجموعة من النخب الاكاديمية والثقافية والسياسية في النجف الاشرف. ركزت الجلسة الحوارية على الرؤى التحليلية الواقعية والاستشرافية حول دور مراكز الدراسات في صنع القرار السياسي الداخلي والخارجي وتقديم البدائل امام صانع القرار. من خلال تسليط الضوء على آليات وأهمية عمل مراكز الدراسات في الغرب، اذ كشفت الباحثة عن التوجه الجديد لتلك المراكز والمتمثل باعتماد الدراسات البحثية الميدانية من اجل الوصول الى فهم أعمق للمجتمعات الشرق أوسطية بحيث يمكنهم من تجاوز التعامل السياسي المبني على أساس التعامل مع صناع القرار بعيدا عن فهم الواقع الاجتماعي. كما أشارت الباحثة الخطيب الى تقدم العراق على بقية دولة المنطقة في مجال الحرية الفكرية المرتبطة بطبيعة عمل مراكز الدراسات والبحوث، وأضافت الى ان الكثير من دول المنطقة مثل مصر والأردن تفتقر الى ذلك المجال الحر. كما تطرق النقاش الى مسائل اخرى مثل أهمية استقلال مراكز الدراسات والأبحاث واهمية التواصل مع مراكز الدراسات الغربية لنقل المعلومة الصحيحة وكيفية الاستفادة من نتاجات مراكز الدراسات في المحاسبة السياسية.

في ادناه اهم مخرجات الحلقة النقاشية:

 

الاستنتاجات:

1.تتبنى مراكز الدراسات العمل الميداني (رصد ديناميكيات الواقع على الارض) من اجل تعميق الفهم لطبيعة المشاكل الموجودة في المجتمعات الشرق اوسطية وذلك لتجاوز الرؤية السياسية التي يتبناها صناع القرار الغربيين والقائمة على التركيز على التعامل مع صناع القرار في الدول الشرق أوسطية بعيدا عن فهم الواقع الاجتماعي السياسي.

 

2.مهمة مراكز الدراسات إيصال المعلومة المبنية على أساس الدراسة العلمية الى صناع القرار، ولا تستطيع تلك المراكز ان تفرض على صناع القرار توجه سياسي معين كون ان للقادة السياسيين طرقهم الخاصة باتخاذ القرار.

 

3.الدراسات والندوات ونشر الاوراق البحثية والمقالات والنتائج والتي تتوصل اليها مراكز الأبحاث والدراسات يمكن ان تستخدم كحقائق يمكن الاحتجاج بها على المسؤولين الحكوميين عند تبنيهم سياسات تؤدي الى الإخفاق.

 

4.يمثل العراق حالة مزدهرة بالنسبة لحرية التفكير والانتقاد والحوارات الصريحة، فما موجود بالعراق في هذا الخصوص يعد حالة متقدمة على ما موجود في الكثير من بلدان المنطقة مثل مصر والأردن وغيرها.

 

5.تحاول مراكز الدراسات والأبحاث تصحيح بعض النظرات المسبقة المبنية على تصورات خاطئة، ناتجة من عدم فهم ديناميكيات الشرق الأوسط من قبل صناع القرار في الغرب، على سبيل المثال ينظر للمجتمعات العربية على انها مجتمعات قبلية تخضع بصورة كاملة لشيوخ العشائر. لكن النظرة الواقعية الميدانية تظهر خطا ذلك التصور اذ ان المجتمعات العربية ليست خاضعة بتلك الدرجة للسلطات القبلية.

 

6.الكثير من نتاجات المفكرين العراقيين مهمة ولكن تواجه مشكلة في ايصالها للأخر نتيجة ضعف مراكز الأبحاث التي يمكن ان تشكل صلة مع مؤسسات الخارج.

 

7.    ليست جميع مراكز الأبحاث والدراسات مستقلة ففي الكثير من البلدان مثل الولايات المتحدة او المانيا وغيرها توجد مراكز دراسات معروف ارتباطها بالأحزاب السياسية، كما يوجد باحثين يحاولون الانتفاع من التقرب من النخب السياسية من خلال تقديم بحوث موجهة.

 

8.التنوع بمراكز الدراسات ومؤسسات المجتمع المدني في العراق (سواء كانت مستقلة ام تابعة لجهة ما) هو تنوع مهم ونافع على المديات القريبة والمتوسطة والبعيدة. وان هكذا تنوع موجود في الدول المتقدمة وعاد بالنفع اليها. ولكن تبقى المراكز والمؤسسات الغير تابعة لحزب معين ونتيجة لاستقلاليتها وحياديتها الأقرب للتواصل مع الجمهور الذي ينتج دراسات علمية غير موجهة.

 

9.تعد مسالة التمويل من اهل عوامل نشاط مراكز الدراسات والأبحاث فالولايات المتحدة وبسبب قوة الدعم المادي الذي يقدم الى مراكز الدراسات هناك باتت الدولة الأكثر استقطابا للباحثين.

 

10.من أصعب المعرقلات التي تواجه مراكز الأبحاث في عملها وتعاونها مع الدول العربية هي في كون الكثير من هذه الدول ليس لها تأريخ كبير في مجال عمل هذه المراكز، إضافة الى غياب حرية الفكر والتعبير.

 

11.عند دراسة الوضع العراقي بشكل ميداني ينبغي التركيز على تغيرين بنيوين تعرض لهما المجتمع العراقي خلال العقود الثلاثة الأخيرة، التغير الأولى هو تغير على مستوى القيم نتج من تدهور الوضع الاقتصادي وانتشار الفقر بعد فرض العقوبات الاقتصادية على العراق في سنة1990، اما التغير الاخر فهة تغير سلوكي نتج بعد الانتقال من نظام دكتاتوري الى نظام ديمقراطي غير مقنن.

 

12.الحراك السياسي المجتمعي في العراق مقسم الى جزئي، الأول داخلي وهو محكوم بالسجال بين المدنيين والإسلاميين حول طبيعة الدولة وتوجهاتها، اما الجزء الثاني من الحراك السياسي الاجتماعي فهو مرتبط بالبيئة الإقليمية والدولية، اذ يستقطب العراقيين بين المحور الإيراني من جهة والمحور الغربي من جهة أخرى.

 

التوصيات:

1-يجب ان تتبنى مراكز الدراسات والأبحاث العمل الميداني من خلال ارسال الباحثين الى الواقع الميداني الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لمواكبة الاحداث والمتغيرات للحصول على المعلومة الصحيحة التي تساعد على اعداد الدراسات العلمية الرصينة.

 

2-من الضروري ان تعتمد المراكز البحثية على استقلالية التمويل وذلك لضمان حيادية وعلمية الأبحاث التي تنجزها وتقدمها الى صناع القرار بعيدا عن توجهات الممولين.

 

3-يجب ان تعطي مراكز الأبحاث الحرية الكافية لباحثيها في التعبير عن مواقفهم المختلفة ضد الحكومات وسياساتها وأن لا يتقيدوا بموقف المؤسسة البحثية الخاص.

 

4-التواصل مع المراكز البحثية الموجودة في الدول الغربية ضروري لإيصال المعلومة الحقيقية التي قد يتجاهلها الاعلام، كون ان المراكز البحثية ذات مهمة علمية اصيلة تبتعد عن تحقيق اهداف سياسية معينة وبالتالي يمكن ان تكون حلقة الوصل بين المجتمعات الشرق أوسطية والمجتمعات الغربية.

 

5-ضرورة تطوير العمل المؤسساتي لمراكز الأبحاث والدراسات في الشرق الأوسط، كون ان رغبة المراكز الغربية للتعاون مع المراكز الشرق أوسطية تصطدم بعدم وجود مؤسسات للبحث العلمي.

 

6-ضرورة تشريع القوانين التي تساهم في التشجيع على تقديم التبرعات لمراكز الدراسات مما يسهم في تنمية عملها وضمان استقلالها وكما هو معمول به في الدول الغربية اذ تقدم إعفاءات ضريبية في حال التبرع للمؤسسات البحثية.  وان من شان ذلك ان يؤدي الى تنشيط مراكز الدراسات العراقية التي تتجاوز بعددها المئة مركز.