المكان: قاعة "سيرجيو ديميلو" / مركز الرافدين للحوار RCD.
المحاضرون: مجموعة من المفتشين العموميين وهم كل من الأساتذة:
الأستاذ حسن العكيلي: مفتش عام وزارة الشباب والرياضة. الدكتور علي الشكري: مفتش عام وزارتي التربية والثقافة .
الأستاذ ماهر البياتي : مفتش عام وزارة المالية الأستاذ عدنان كريم: مفتش عام وزارة الصناعة.
الأستاذ سجاد الجابري: مفتش عام أمانة بغداد الأستاذ رائد الجشعمي: مفتش عام.
الحاضرون: نُخبة من رجال الدين الأكاديميين والسياسيين ورجال الأعمال.
مدير الجلسة: الأستاذ عدنان المالكي: المستشار الثقافي لرئيس مركز الرافدين للحوار RCD.

نظَّم مركز الرافدين للحوار RCD ندوة نقاشية بعنوان "المفتشين العموميين: التحديات السياسية والعوائق القانونية"، تركزَّت حول التحديات التي تُواجه عمل مكاتب المفتشين العموميين في الوزارات العراقية، والتي يُمكن تصنيفها إلى عقبات قانونية وعقبات سياسية. إذ تمَّت مُناقشة مُشكلة الغطاء القانوني لعمل تلك المكاتب، وضرورة إيجاد التشريع الُمناسِب الذي يُغطي عملها، إسوة بالأجهزة الرقابية الأخرى، كهيئة النزاهة الوطنية، وديوان الرقابة المالية. كما أشار المُحاضرون إلى التكامل الموجود بين تلك الأجهزة الرقابية الثلاثة. فمثلاً إنَّ مُخرَجات ديوان الرقابة المالية هي مُدخلات لمكاتب المفتشين العموميين، وإنَّ مُخرَجات مكاتب المفتشين هي مُدخلات لهيئة النزاهة الوطنية.


          كما أكَّد المُحاضرون على الميزة التي تتمتع بها مكاتب المفتشين العموميين عن باقي الأجهزة الرقابية، وهي ميزة الإحتكاك اليومي والمُباشِر مع أجهزة الدولة التنفيذية، مِمَّا يجعلها الأقرب والأسرع في تشخيص حالات الفساد. وقد أوضح السادَّة المُحاضِرون أنَّ الدعوات لحل مكاتب المفتشين تصدر إمَّا عن جهلٍ بعمل وإنجازات المكاتب، أو عن بعض المُستفيدين من الفساد، مِمَّن يُشكّل وجود مكاتب المفتشين عائِقاً أمامهم.

وفي أدناه أهم الاستنتاجات والتوصيات التي خرجت بها الندوة:


الاستنتاجات:

1- مكاتب المفتشين العموميين من التجارب المعمول بها دولياً، وحتى في العراق قبل 2003 كانت هُناك تجربة للمفتشين العموميين في بعض الوزارات، كما في وزارات الصحة والمالية والداخلية.


2- تلعب مكاتب المفتشين العموميين دوراً مُهماً في مُحاربة الفساد، وذلك لأنَّها الجهة الرقابية الوحيدة التي تكون على احتكاكٍ مُباشر ويومي مع الجهات التنفيذية في الدولة.


3- تأتي أهمية مُخرَجات مكاتب المفتشين العموميين باعتبارها مُدخَلات لهيئة النزاهة الوطنية، لتستخدمها الأخيرة كقاعِدَة بيانات من أجل مُباشرة عملها في مُكافحة الفساد. بينما تكون مُخرَجات ديوان الرقابة المالية احدى المُدخلات المهمة لمكاتب المفتشين العموميين، اذ ترد للمكاتب اخبارات وشكاوى من عدة طرق منها هيئة النزاهة والخط الساخن والبريد الالكتروني وما ينتج عن تقارير اللجان التفتيشية والتدقيقية.


4- لا يقتصِر عمل أجهزة المفتشين العموميين فقط على مُكافحة الفساد، بل يشمل عملية التقويم والتصحيح والتوجيه للعمليات الإدارية داخل الوزارة.


5- عمل المفتشين العموميين داخل الوزارة لا يعطيهم سلطة التدخُّل والتحقيق في مظاهر الفساد الموجودة خارج الوزارة، مثل اللجان الاقتصادية للأحزاب وغيرها من المظاهر.


6- إنَّ الدعوات التي تصدر من قبل بعض السياسيين لإلغاء مكاتب المفتشين العموميين هي إمَّا أن تكون صادرة من أشخاص ليسوا على اطلَّاع بعمل المكاتب، أو أنَّها صادِرة من أشخاص يدعمون الفساد ويعتبرون وجود المكاتب خطراً عليهم.


7- هناك نسبة عالمية لعدد موظفي الأجهزة الرقابية في قِبال عدد الموظفين الحكوميين، إذ أنَّها تتحدَّد بــــــ (3) مُراقب لكل (100) مُوظَّف، والعِراق لم يُحقّق هذه النسبة، إذ أنَّها حوالي 1.1.


8- لا تستهلك مكاتب المفتشين العموميين موازنات كبيرة، إذ تقتصر موازنتها على الموازنة التشغيلية، كالرواتب وغيرها، ولا توجد لديها موازنات استثمارية. كما أنَّ عدد مُوظفي المكاتب في جميع الوزرات، عدا الوزارات الأمنية، لا يتعدَّى (1800) موظف.


9- الحاجة الى تدريب وتطوير وتحديث امكانيات وقابليات موظفي مكاتب المفتشين وبشكل مستمر لمواكبة التطورات والمستجدات.


10- إعطاء الوزراء صلاحية المصادقة على التقارير التي يرفعها المُفتّش العام يحّد من قابلية الجهاز على مُكافحة الفساد. إذ أنَّهُ، وفي الكثير من الحالات، لا يُصادِق الوزراء على التقارير، او ان يتم الالتفاف على المصادقة من خلال التظلم الذي ينظر من قبل الوزارة وليس مكتب المفتش العام، وافشال الاحالة الى القضاء والمسائلة القضائية من خلال لجان التضمين المركزية والتي هي تابعة للوزير وعادة ما تكون توصياتها بعدم وجود ضرر بالمال العام، أو قد تحال الى الدوائر القانونية في الوزارة، من أجل إعادَة النظر بها.


11- يتعرُّض المفتشين العموميين إلى الضغوط السياسية من بعض السياسيين والبرلمانيين خلال عملهم وإنَّ استشهاد بعضهم واصابة اخرين يدل على جِديَّة هذا الجهاز في مُكافحة الفساد المُستشري في دوائر الدولة.


12- قانون الادعاء العام، الذي يُعطي صلاحية للمُدَّعين العامّين للتحقيق في قضايا الفساد، يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات الذي أقرَّهُ الدستور. فضلاً عن ذلك، لا يستطيع الادعاء العام فرض العقوبات الإدارية الوارِدة في قانون انضباط مُوَّظفي الدولة، لأنَّ سياقات التحقيق الإداري تختلف عن تلك المُتبَّعة في التحقيق القضائي.


13- تعتمد مُنظمة الشفافية الدولية على استطلاعات تُجرى على عراقيين يعيشون في المهجر في تصنيف العراق، وقد رفضت تلك المُنظمَّة فتح مكتب لها في بغداد.


التوصيات:

1- ضرورة تشريع قانون خاص بالمفتشين العموميين، يُحدّد جهة ارتباطهم، ويمنحهم الغطاء التشريعي المناسب للقيام بمهامهم، لأنَّ غياب الغطاء التشريعي يحد من قوة الجهاز في عملية مكافحة الفساد.


2- ضرورة مُراعاة استقلالية مكاتب المفتشين العموميين عند تشريع قانون يخص تلك المكاتب، مع توفير الحماية القانونية، ومنع استهدافهم سياسياً، من أجل أن يتمكَّن المفتشون من أداء عملهم بشكلٍ أفضل.


3- عمل الأجهزة الرقابية هو عمل تكاملي، وبالتالي لا يُمكِن الاستغناء عن أيّ جهاز من تلك الأجهزة. كما ويرتبط وجود تلك الأجهزة بالالتزامات الدولية للعراق الخاصة بمُكافحة الفساد.


4- يجب على من يتعرَّض للابتزاز أو دفع الرشوة من المُواطنين أن يمتلك الشجاعة للتبليغ عن ذلك، حتَّى تتمكَّن الأجهزة الرقابية من أداء عملها وفق السياقات القانونية. فمن دون وجود مُشتكي أو دليل مادي لا يُمكِن أن تتحرَّك تلك الأجهزة.


5- الاهتمام بالدورات التدريبية لموظفي الدولة، خصوصاً مُوَّظفي مكتب المُفتّش العام. كذلك ينبغي الاهتمام بالدورات التي تُجرى خارج العراق، على أن تكون دورات حقيقة، اذ لابُدَّ من امتلاك الخبرة التنفيذية للموظفين العاملين في مكاتب المفتشين العموميين، لأنَّ غياب التجربة التنفيذية للمُوظَّف تُؤدّي إلى تلكُؤه في إنجاز مهامه.


6- تعزيز ثقافة المُجتمع بخصوص احترام المال العام، وكذلك عدم اللجوء إلى المحسوبية عند إنجاز المُعاملات في الدوائر، أو مُحاولة الاستفادة من نفوذ المسؤولين بغرض تجاوز الروتين الخاص بإنجاز المعاملات. 


7- لابُدَّ للمسؤولين الحكوميين من الحذر عن التصريح الإعلامي حول الفساد، لأنَّ ذلك يُعتبَر أحد المصادر التي تعتمد عليها المُنظمَّات الدولية الخاصَّة بتصنيف الفساد، مثل مُنظمَّة الشفافيَّة الدوليَّة، والتي تضع العراق في مراتب مُتأخّرة جِداً من حيث ترتيب الدول المُصنَّفة بذلك.