عَقَدَ مركز الرافدين للحوار R.C.D ندوة حوارية  عنوانها "محاولات التطبيع العربية-الإسرائيلية في مؤتمر وارسو: رؤية فلسطينية" في يوم 15/3/2019 على قاعة سيرجيو دي ميلو في مقر المركز، استضيف فيها سَعادَة السفير الفلسطيني في العِراق الأستاذ "أحمد عقل"، تطرَّق فيها السفير إلى مواضيع القضيَّة الفلسطينية، خصوصاً فيما يتعلَّق منها بمُؤتمر "وارسو"، مُعرِّجاً على صفقة القرن التي طُرِحَت مُؤخراً، والتي لا تصب في مصلحة الشعب الفلسطيني، مُقلِلاً من أهميَّة مؤتمر "وارسو" وقيمته السياسية، مُؤكِّداً بأنَّه لم تحدُث أي لقاءات جانبية على هامِش المُؤتمر بين نتنياهو والدول العربية والإسلامية المُشاركة فيه، سوى لقاءً كان قد جرى بين وزير خارجية سلطنة عمان ورئيس وزراء اسرائيل. 

             يرى "عقل" أنَّ هناك العديد من الأحداث ساهَمَت في ترسيخ اسرائيل في المنطقة، ومنها ثورات الربيع العربي التي أشغلت الشعوب والحكومات العربية عن مُمارسة دورها التاريخي في رفض هذا النظام، بالإضافة إلى ظاهرة الإرهاب الذي ضرب المنطقة وشلَّ حركتها. كذلك يُؤكِّد سعادة السفير أنَّ إسرائيل تستهدف كل المنطقة، ولا يقتصر عدائها للشعب الفلسطيني، فهي تنطلق من موروثات عقائدية تصنِّف حدود دولة إسرائيل من الفرات الى النيل.

وقد حضر الندوة نخبة من الشخصيات الدينية والأكاديمية والسياسية في محافظة النجف الاشرف، وفي ادناه اهم ما توصلت اليه الندوة من استنتاجات وتوصيات:

الاستنتاجات:

1. شهدت المنطقة العربية احداث مهمة، مثل تفشي ظاهرة الإرهاب وقيام ثورات الربيع العربي، والتي ساهَمَت في ترسيخ وجود ونفوذ إسرائيل في المنطقة.

2. إن إسرائيل لا تستهدف، بمخططاتها، الشعب الفلسطيني، بل المنطقة بصورة عامة، وهذا واضح من خلال الإمكانات العسكرية والاقتصادية التي تسعى إلى امتلاكها لتحقيق أهدافها الاستعمارية وتوسيع المستوطنات.

3. تهدف إسرائيل إلى نزع البعد العقائدي من القضية الفلسطينية لأنها تعتقد بأن الجانب العقائدي والثقافي، المناوئ لها، هو العائق الأكبر أمام تمددها في المنطقة.

4. الإدارة الأميركية الحالية تتعامل مع الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي من منظور عقائدي وليس سياسي، ولا تريد حل المشاكل سياسياً، لاسيما وإن المقربين من رئيس (دونالد ترامب) يُعدّون، مُناصرين لليمين المتطرف، فيما يخص القضايا المتعلقة بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

5. إن صفقة القرن لا يُرجى منها ضمان حقوق الفلسطينيين، كما إن مصطلح "صفقة القرن" الذي أطلقه (ترامب) ينمُّ عن نهجه في التعاطي مع القضايا من منظور عقاري تجاري، وليس من منظور سياسي قانوني. فضلاً عن ذلك، فإنَّ ما قدَّمه (ترامب) من طروحات، فيما يتعلق بهذه الصفقة، يُشكِّل خرقاً واضِحاً وصريحاً للقواعِد القانونية الدولية الآمِرَة، ويتضِّح من ذلك عدم إيمانه، في حل الأزمات والصراعات، بالطرقٍ الوديَّة والدبلوماسية.

6. يُلاحَظ، من استقراء الأوضاع، أنَّ صفقة القرن لها علاقة مباشرة مع مؤتمر (وارسو) والتطبيع الإسرائيلي مع دول المنطقة. كما إن الغاية منها (أي: صفقة القرن) هو إعادة تقسيم خارطة المنطقة بما يُحقِّق ويخدم مصالح إسرائيل ويضمن أمنها، والتمهيد لتوسيع نفوذها في المنطقة.

7. الحكومة الفلسطينية تؤمن بحلول كثيرة، منها حلّ الدولتين، أو الاندِماج في دولة واحدة قائمة على أساس المواطنة، أو أي حلٌ يُمكِن مِن خلاله ضمان حقوق الشعب الفلسطيني وعدم المقامرة بدماء أبنائه التي أراقتها إسرائيل.  

8. الضغوطات الأميركية مستمرة على المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين من اجل الضغط على السلطة الفلسطينية او تمييع مسالة عودة اللاجئين.

9. اتفاق (أوسلو)، ليس اتفاقاً تطبيعياً، بل هو اتفاق حول الحكم الذاتي الانتقالي، ولم يأخذ - خلاله - التطبيع الحيَّز الأوسع أو الموضوع الرئيس في النقاشات. 

10. الحل العسكري ليس الحل المرجّح من قبل الفلسطينيين، وذلك لإيمانهم بالسلام والحل السلمي للصراع، مع ضرورة ضمان حقوقهم وحفظ أراضيهم وممتلكاتهم. 

11. لا يوجد في الوقت الراهن لصفقة قرن عربية – إسلامية، وذلك لعدم توفر المقومات لذلك، لأن عملاً كهذا يحتاج إلى جهدٍ كبير وامكانات قد لا تتوفر في الوقت الحالي. 

12. الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي ضد التطبيع، وهذا يتجلّى من خلال الرفض الشعبي الواضح، فضلاً عن الموقف الحكومي، والذي مثلَّت السفارة الفلسطينية في العراق، على لسان سفيرها، جزءاً منه. 

التوصيات:

1. على المجتمع الدولي والعربي والإسلامي العمل على دعم الشعب الفلسطيني، لاسيما العرب والمسلمين، والمشاركة في وضع حل سلمي يضمن حقوقه، فضلاً عن ذلك؛ فإنَّ الموقف الرسمي للسُلطة الفلسطينية هو مُحاولة الاستفادة من جَميع البُلدان، ولا يُفضّل الاصطِفاف نحو محورٍ دون آخر.

2. مواقف الدول في جامعة الدول العربية جيدة، فضلاً عن بعض دول المنطقة. والقضية الفلسطينية تحتاج الى زخم أكبر من أجل تقوية الموقف ضد التطبيع.

3. العلاقات العراقية -الفلسطينية علاقات تاريخية وجيدة، والعراق داعماً لحقوق الشعب الفلسطيني، والموقف العِراقي ضد التطبيع واضحاً.

4. إنَّ بعض دول المنطقة، التي ترغب في التطبيع، يجب أن تعيد حساباتها، لأن إسرائيل تستهدفها عن طريق التطبيع، من خلال جعل هذه الدول تدور في فلكها، وتساعدها، من حيث تعلم أو لا تعلم، لتنفيذ أجندتها في المنطقة.

5. يجب على القوى الفلسطينية أن تجتمع وتتوحّد، وبالتالي تصبح لها قوة على الأرض لتفرض رأيها في أي مفاوضات يكون الجانب الفلسطيني طرفاً فيها. 

6. على الجانِب الأميركي أن يتّسم بالموضوعية والحِياد تجاه القضية الفلسطينية، لأنه الوحيد القادر على فرض أي شيء على إسرائيل، وألاَّ ينحاز إلى الجانب الإسرائيلي ويتبِّع سياسة الكيل بمكيالين. 

7. العمل الدبلوماسي والسياسي هو الأوفق للقضيَّة الفلسطينية، والحل العسكري، في هذه الفترة، ينطوي على خسائر، فضلاًً عن ذلك، فأنَّه غير نافع لحل القضايا المُهمَّة.

8. يَجبُ أن يكون حل القضية الفلسطينية عَلى الأرض الفلسطينية، والموقف الفلسطيني واضِح بعدم قبول أي حل خارج الأرض الفلسطينية بالمُطلق.