عَقَدَ مركز الرافدين للحِوار R.C.D ندوة حَواريَّة على قاعة "سيرجيو ديميلو" والتي كانت تحت عُنوان: (العراق والاتحاد الأوروبي: آفاق الشراكة وإعادة الإعمار) وذلك في يوم 9/4/2019، حيثُ ألقى فيها، كلٌ من سعادة سفير الاتحاد الأوروبي في العراق السيَِّد "رامون بليكوا " وسعادة سفير مملكة بلجيكا في العراق السيِّد "هندريك فان ديفليد"، مُحاضرة قيِّمة تناولت طبيعة العلاقة بين العراق والاتحاد الأوروبي وطبيعة العلاقة بين العراق ومملكة بلجيكا.

          كان سعادة السفير "رامون بليكوا" قد أكد عَلى دور الاتحاد الأوروبي في دَعم الأخير للعراق في حربه ضدَّ الإرهاب، بالإضافة كذلك إلى تقديم المساعدة إليه فيما يخص ملف الإعمار، لا سيَّما بالنسبة للمُدن المحرَّرة من قبضة داعش، كما أكد على ضرورة وضع استراتيجية مناسبة للتعامل مع هذه المدن بعد التحرير، فضلاً عن ذلك، فقد تمَّ التطرق إلى العديد من الملَّفات المُهِمَّة.

 

من جهته شدد السفير البلجيكي على أهمية العلاقة مع العراق، وأشار الى الدعم الذي قدمته بلجيكا خلال الحرب ضد تنظيم داعش كخامس أكبر مساهم في التحالف الدولي، وأضاف ان الزيارة الى النجف الاشرف تؤشر على نهج جديد لعلاقة بلجيكا مع العراق من خلال التركيز على التعاون في المجالات المدنية بعد دحر الإرهاب في العراق.

 

          وقد حضر الندوة العديد من الشخصيَّات من ذوي الاختِصاص، وأكاديميين ورجال دين ومسؤولين في الدولة. وفي أدناه أهم ما توصلت إليه الندوة من استنتاجات وتوصيات.

 

الاستنتاجات: 

1. يمر العراق في هذه الفترة بمنعطف تاريخي مهم، فهو يواجه تحديات متنوعة على مختلف المستويات الداخلية والخارجية، مما يجعل الحكومة العراقية في موقف حساس، خصوصاً مع توتر العلاقة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي يؤثر سلباً على العراق. وعليه فإنَّ الاتحاد الأوروبي يسعى لمساعدة العراق للخروج من هذه التحديات.

2. هنالك عملٌ دؤوب لتنفيذ بنود اتفاقية الشراكة الموقّعة بين العراق والاتحاد الأوربي في شهر آب من العام 2018، وإنَّ هذه الاتفاقية هي خارطة طريق تهدف إلى بناء العراق وازدهاره وتحقيق التنمية والأمن له وللمنطقة.  

3. إن أمن الاتحاد الأوربي لا يبدأ من حدود الاتحاد الأوروبي (اليونان من الشرق أو إسبانيا من الغرب) وإنما من منطقة الشرق الأوسط، والذي يُعدُّ العراق جزءاً منها، لذا فإنَّ محور محاربة الإرهاب كان قد أخذ اتجاهان.. الأول داخل العراق والثاني داخل اوروبا.

4. يستلزم، بعد القضاء على الإرهاب، إعادة إعمار المناطق المحررة، الأمر الذي يُوطد أواصر العلاقة بين الشعب والحكومة، وهذه العلاقة يتم تحديدها في ضوء العقد الاجتماعي، على أن يتضمَّن الأخير تقديم أفضل الخدمات للشعب. ويُعدُّ ذلك واحد من العوامل الأساسية للشراكة بين الاتحاد الأوروبي والعراق.

5. ترتكز المساعدة الاوربية للعراق على توفير الخبرات المهمة والاهتمام في الإصلاح الاقتصادي، ويتوجب على العراقيين أن يكونوا هم الجزء الفاعل في عملية إعادة إعمار بلدهم، لأنَّه بلدٌ غني ويمتلك الثروات، لكن سوء الإدارة هي المسبب للوضع الذي يمر به البلد.

6. ركز الاتحاد الأوربي، في استراتيجيته المتعلقة بدعم العراق، على مشاريع تتعلق بخلق السياسات الحكومية النافعة، أي الحوكمة، فضلاً عن التركيز على تطوير الإدارة المالية العامة وإصلاح القطاع الخاص، وتبلغ قيمه هذه المشاريع 30 مليون يورو تم توقيعها مطلع كانون الأول من العام 2017.

7. من مشاريع الاتحاد الأوربي في العراق هو دعم التنمية وتطوير الاقتصاد في المحافظات العراقية، وقد أُطلق المشروع في البصرة مطلع شهر آذار من عام 2019، وركز أيضاً على محافظات أخرى، كميسان وذي قار، وسيشمل مناطق أخرى كالانبار ونينوى، وأنَّ التركيز على البصرة ونينوى يعود لأهميتهما، فعودة التنمية لتلك المحافظتين سيؤدي لجعلهما محركين لبقية المحافظات.

8. من ضمن المشاريع المحلية التي يعمل عليها الاتحاد الأوروبي هو مشروع مهم.. يتمثّل في إنعاش القطاع الزراعي في العراق وتوفير المستلزمات الضرورية له، إذ عانى هذا القطاع من الإهمال الذي أفقده قيمته في النهوض بالواقع الاقتصادي، فضلاً عن وجود مشاريع تتعلق بالتعليم العالي، كتطوير معاهد النفط في العراق.

9. قيمة النقد الموجود في العراق 50 مليار دولار، ولذا فإنَّ توفير الإدارة الجيدة يمكن أن يُساعد على استثمار تلك الأموال بالصورة المثلى في تحقيق التنمية وتحريك الاقتصاد الوطني، فضلاً عن تشغيل القطاع الخاص.

10. يسعى الاتحاد الأوربي إلى مساعدة العراق في إرساء الحوار السياسي وخلق التوافق، لأن الأخير يُعدُّ من العوامل التي تُساعد على إرساء سياسات عامة نافعة للبلاد.

وقد أدى غياب الحوار السياسي والصراع من أجل السيطرة على الموارد، في محافظات (الموصل - الانبار)، إلى سوء الإدارة، مِمَّا انعكس بشكلٍ سلبي على التطور الاقتصادي والأمني، الأمر الذي خلق جواً سلبياً كان قد شكل ضرراًً بالسياسات العامة.

11. إنَّ النموذج السياسي القائم في العراق، والمبني على أساس الانتقال السلمي للسلطة؛ يُعدُّ من عناصر القوة في البلد، لكن العراقيين خجولين من تصدير هذا النموذج.

12. يعمل الاتحاد الأوربي، مع نقابة المحامين ومجلس القضاء العراقي، على دعم حقوق الإنسان وسيادة القانون وترسيخ حُكم المؤسسات، وفي مجال الأمن يعمل الاتحاد الأوربي، وبالتنسيق مع مستشارية الأمن الوطني، على برنامج إصلاح القطاع الأمني وإرساء استراتيجية أمنية، كما أنَّ للاتحاد برنامج حول المساواة بين الجنسين.

13. قامت بلجيكا، في طريق وقوفها بجانب العراق، باستثمار سياسي غير قليل، وذلك من خلال مشاركتها ميدانياً - ضمن التحالف الدولي - ضد تنظيم داعش الإرهابي، إذ تُعدُّ خامس أكبر دولة مُساهِمة في التحالف الدولي المشكّل لمحاربة هذا التنظيم الإرهابي. 

14. بدأت الاهتمامات البلجيكية نحو العراق، بعد نهاية الحرب ضد داعش، بالتغيُّر، فأصبح التركيز على الاستقرار. وتُعدُّ النجف، بما تمثله من مركز ثقافي وفكري وإبداعي، النقطة التي تنطلق منها نهضة العراق. 

التوصيات:

1. سوء الإدارة يؤثر سلباً على الواقع الاقتصادي وتوفير الخدمات وفرص العمل للشباب، لذا ينبغي العمل على مكافحة سوء الإدارة عن طريق الحوكمة، والتي يتم الإصلاح من خلالها، لاسيما الإصلاح الاقتصادي، وكذلك إصلاح الإدارة المالية العامة، وتنشيط القطاع الخاص.

2. ينبغي تحريك الطاقات الفكرية والأكاديمية عن طريق تسخير هذه الطاقات لخدمة البلد، واحتواء مشاريعهم، لاسيما في إطار القطاع الخاص.

3. يجب أن يكون لمنظمات المجتمع المدني سلطة رقابية على الأموال التي تُصرف والمشاريع التي تُقام، والاتحاد الأوربي حريص على إخبار هذه الجهات بالمشاريع التي يُقيمها في أماكن استثمارها.

4. الشعب الجيد والقوي هو مقدمة للحكومة الجيدة والقوية، وقوة الشعب وجودته تبرز من خلال المجتمع المدني، الذي يعتمد على الشباب بالدرجة الأساس وبعض شرائح المجتمع، كالمرأة. 

5. يجب تدعيم اتفاقية الشراكة بين العراق والاتحاد الأوربي، كما يجب دعم الحكومات المحلية ودعم اللامركزية عن طريق رفد الحكومات المحلية بالطاقات والكفاءات التي من شأنها ترسيخ الحُكم الرشيد وتعزيز التجربة الديمقراطية، كما ينبغي أيضاً تشجيع الاستثمار وتوفير بيئة جاذبة للمستثمرين الأجانب. 

6. تحتاج، عملية جذب الاستثمارات والشركات الأجنبية، إلى العديد من المتطلبات، منها البنية التحتية الجيدة، كالطرق وخدمات الإنترنت وشبكات الكهرباء والبنوك الفعالة والعقود الآمنة.