مخرجات الجلسة النقاشية(الإصلاح في العراق: الواقع السياسي والتحديات الداخلية والخارجية)
تحَّدث السيد الحكيم عن مُجمَل الملفات السياسية الساخنة في العراق، وطرح وجهات نظره بشأنها، فيما يخص ملف الإصلاح، بين السيد الحكيم، أنَّ عملية الإصلاح لابُدَّ من أن تكون مقرونة بالإرادة الحقيقة والتخصُّص لتكون مُنتجة فِعلاً. وفيما يتعلق بالموقف السياسي الخاص بتيار الحكمة فقد أوضح أنَّ موقف التيار من الحكومة مرهونٌ بمَدى المشاركة في الحكومة، وقد عنى بذلك، المشاركة في القرار السياسي وليس في الموقع الحكومي، وأنَّهُ، وبعد مُضي ستة أشهر على عمل الحكومة فإنَّهُ لابُدَّ من حسم موضوع الكتل البرلمانية الداعمة لها، لتكون تلك الكتل هي المتحملة للمسؤولية أمام المواطنين.
بخصوص التوتر الحاصل بين الولايات المتحدة وإيران؛ دعا السيد الحكيم الحكومة العراقية، وبناءً على ما تملكه من مصالح استراتيجية بين البلدين، أن تلعب دور الوسيط، فالعراق - من وجهة نظره - أكثر البُلدان التي يُمكن أن تتضرَّر من أي نزاع ينشب بين تلك الدولتين، ولابُدَّ من التحرُّك والوَساطة لتحقيق المصالح العراقية، خاصة أنَّ للعراق تجربة في إقناع الطرفين بالحوار، كما حصل من خلال المبادرة التي أطلقها السيد عبد العزيز الحكيم للحوار بين الولايات المتحدة وإيران. وأخيراً فقد تمَّ التطرُّق خِلال الجلسة إلى بعض المواضيع التنموية، كتنمية القطاع الخاص وتطوير المصارف وتوفير الخدمات وغيرها.
وقد حضر الجلسة نُخبة من رجال الدين والأكاديميّين والسياسيين من أعضاء مركز الرافدين للحوار، وقد أدارَ الندوة الدكتور فرهاد علاء الدين عضو مَجلس إدارة مركز الرافدين للحوار RCD.
الاستِنتاجات:
1- صاحَبَ تشكيل النظام السياسي في العِراق بعد 2003 العديد من الإشكاليات، منها إشكالية هاجس الخوف من الماضي، وإشكالية الطموحات المستقبلية، فضلاً عن وجود التدخُّل الخارجي. مِمَّا أنتجَ نِظاماً سياسياً يحتاج إلى المراجعة والإصلاح بعد ستة عشر سنة.
2- يحمل النظام السياسي الحالي تناقضات بُنيوية، فالدستور يدعم اللامركزية والتعدُّدية والتنوُّع، يُناقِض الأنظمة والتشريعات المعمول بها، فالكثير منها مبنيٌ على المركزية الشديدة، وهي من تبعات ما كان سائداً في العراق قبل 2003.
3- تواجه عملية الإصلاح في العراق، العديد من التحديَّات، أولها تحدي الثقافة السائدة في البلد والتي يصعب تغييرها بسهولة، ومثال ذلك النمط البيروقراطي السائد، والتحدي الثاني هو ايجاد الإرادة الحقيقية للإصلاح، إذ يُمكن للإصلاح أن يُؤدي إلى تضرُّر مصالح الكثيرين، وليس من السهولة تقبله، أمَّا ثالث التحديَّات؛ فهو غِياب الرؤية الواضحة أو العشوائية، إذ يجب أن تتُم عملية الإصلاح وفق رؤيةٍ ومنظورٍ عِلمي.
4- لابُدَّ أن يكون للحكومة حاضنة برلمانية تستند عليها، فعدم وجود قاعدة برلمانية تستند عليها الحكومة يجعلها مُهدَّدة، وفي الأشهر الماضية كان هناك عدم وضوح حول القاعدة البرلمانية الحاضنة للحكومة العراقية. فهل الحاضنة كتل الفتح وسائرون والحزب الديمقراطي؟ أم تحالفي الإصلاح والبناء والقوى الكردية الأخرى؟ تحديد الحاضنة البرلمانية للحكومة يُحدِّد مواقف بعض القوى السياسية تجاه الحكومة.
5- هناك حالة من الإحباط والنظرة السلبية لدى المواطنين على عموم الأداء الحكومي، بل أنَّ الإحباط امتدَّ لدى النخب التي يُرجى منها إشاعة حالة التفاؤل لدى المواطنين، ولتدارك هذه الحالة لابُدَّ من أن يشعر المواطنون ولو بشيءٍ بسيط من الإنجازات الحكومية لخلق شيء من التفاؤل.
6- كان يُظن أنَّ اختيار وزراء مُستقلون سوف يُؤدي إلى الارتقاء بالأداء الحكومي، إلاَّ أنَّ الواقع يُشير إلى عكس ذلك، فمشاكل الفساد وبيع المناصب الحكومية وغيرها قد ازدادت ولم تتقلص خلال الفترة الماضية.
7- مِمَّا يُزيد من شعور الاحباط لدى المواطنين هي حالة السلبية المنتشرة في المجتمع، فالإنجازات التي تتمظهر في مشاريع الإعمار وغيرها لا يُشار إليها، بينما ينتشر التهكُّم على الأداء الحكومي بشكلٍ واسِع خلال وسائل التواصل الاجتماعي، لذا لابد مِن مُعالجَة هذهِ الظاهِرة المجتمعية.
8- لابُدَّ للعراق من أن يكون مُتوازناً في سياسته الخارجية، فعدم التوازن أو الانحياز لطرف دون آخر يُؤدي إلى أذى كبير للعِراق، ومع أنَّ مسك العصى من الوسط أمراً بالِغ الصعوبة في الوقت الحاضر، فلابُدَّ أن يسعى العراق لتقريب وجهات النظر بين الولايات المتحدة وإيران.
9- مع إزالة الحواجز الكونكريتية وفتح المناطق الحيوية والاستراتيجية لابُدَّ من تسخير التكنلوجيا الحديثة والاستخبارات لقطع دابر الإرهاب من الوصول إلى تلك النقاط وضرب عمق الدولة، لأنَّ ذلك يترك آثاراً نفسية كبيرة، خصوصاً بعد أن شهِدَت العاصمة بغداد فترة هدوء من التفجيرات.
10- هُناك مشاكِل كبيرة في الواقع الاجتماعي في العراق، مثل انتشار المخدرات وارتفاع نسب الطلاق والانتحار وغيرها من المظاهر الدخيلة على المجتمع العراقي، والتي بحاجة إلى مُعالجة حقيقيَّة.
11- يعتمد، موقف تيار الحكمة من الحكومة الحالية، على توجّهات وسياسة الحكومة، وأنَّ اتخاذ جانب المعارضة من عدمه مرهونٌ بالمشاركة في القرار السياسي للحكومة، فالشراكة الحقيقة هي شراكة القرار وليس شراكة الموقع، وليس في منطق السياسة، تحمُّل تبعات المشاركة وواقع الحال يُشير عكس ذلك.
التوصيات:
1. يجب أن يشمل الإصلاح المطلوب في العراق، جَميع الجَوانب السِياسية والاجتماعية والاقتصادية، ولتحقيق ذلك، فإنَّ العملية الإصلاحية يجب أن تتسم بالجديَّة والجذرية والشمولية والتدرُّجيَّة والاستمرارية، فضلاً عن التخصُّص.
2. تحتاج العملية الإصلاحية في العراق الى الجانب التعبوي الجماهيري، فلابُدَّ للقوى، التي تجد نفسها مُستفيدة من الإصلاح؛ أن تتكاتف وتعمل سوياً من أجل إشاعة روح الإصلاح في المجتمع، كما يَنبَغي تحقيق مُكتسَبات إصلاحية سَريعة لتُشكِّل حافِزاً أكبر في المجتمع للمُضي قُدُماً في تلك العملية المهمَّة.
3. ضرورَة أن يبدأ، الجانب العملي للإصلاح، من خِلال تغيير كبير وشامل في النُظُم الإدارية للدولة " ثورة إدارية"، وبخِلاف ذلك؛ يتعذّر نجاح عملية الإصلاح المنشود.
4. يجب أن تُستثمَر، المصالح الاستراتيجية التي يمتلكها العراق مع الجمهورية الإسلامية ومع الولايات المتحدة، في لعب دور الوسيط، فالعراق أكثر دول المنطقة تضرُّراً في حال حصول صِدام بين تلك الدولتين. جديرٌ بالذِكر أنَّ العراق يمتلك تجربة سابقة جاءت، بمُبادَرَة المرحوم السيِّد عبد العزيز الحكيم، والتي أفضت إلى الحوار بينهما.
5. ضرورَة العَمَل على تحسين الخدمات، كالكهرباء وإعادة النازحين وتطوير القطاع المصرفي ودعم القطاع الخاص، فعملية التنمية تحتاج إلى قطاع خاص قوي يكون ظهيراً للدولة ومُسانِداً لها للنهوض بالتنمية، وإلاَّ فعدد مُوظفي الدولة كبير جداً يتعسَّر معه تحقيق هذا الهدف.
6. لابُدَّ من البحث عن المصلحة الوطنية العراقية عند التعامل مع دول الجوار، فالسياسة لا تتطلب الخضوع لنظرية المؤامرة والتشكيك بنوايا الآخرين، مهما كان توجههم، فمثلما للدول مصالح؛ فإنَّ للعراق مصالح أيضاً، وبإمكانه الحفاظ عليها من خلال بناء العلاقات الثنائية الجيِّدة مع الدول التي يجدُ، في تحسين العلاقات معها، منفعة للعِراق.
7. إصلاح القضاء أيضاً من مُتطلَّبات الإصلاح، فإصلاح المجتمع يتم من خلال هذه البوابَّة.