عَقَدَ مركز الرافدين للحِوار RCD على قاعة "سيرجيو ديميلو" ندوة حَواريَّة تحت عُنوان (مكافحة الفساد: العقبات القانونية والتحديات السياسية) في يوم الثلاثاء الموافق 31/7/2019، القى فيها الاستاذ "جمال الاسدي "مفتش عام وزارة الداخلية مُحاضرة عن كيفية معالجة ظاهرة الفساد الإداري والمالي المستشري بالبلد وقد تحدَّث "الاسدي" عن أبرز المعوقات والصعوبات القانونية والسياسية التي تعترض مكافحة الفساد،  وقد تناول المحاضر في حديثه طبيعة الأجهزة الرقابية العاملة في العراق وتاريخ انشائها،  فضلا عن ذلك، تناول الاسدي" طبيعة الفساد في العراق من حيث اصوله ومنابعه، مشددا على ان الرشوة هي اكثر مصادر الفساد خطورة كونها تؤدي الى فقدان الثقة بين المواطنين والنظام السياسي.
وقد حضر الندوة نخبة من رجال الدين والأكاديميين والمثقفين والسياسيين في النجف الاشرف وفي ادناه اهم ما توصلت اليه من استنتاجات وتوصيات.


الاستنتاجات:

1. هُناك ثلاثة أجهزة رقابية في العراق وهي ديوان الرقابة المالية وهيأة النزاهة ومكاتب المفتشين العمومين، منها ما يُعدُّ من الأجهزة الرقابية السابقة للفعل وهي: مكاتب المفتشين العمومييّن، ومنها ما يُعدُّ من الأجهزة الرقابية اللاحقة للفعل وهي كل من ديوان الرقابة المالية وهيأة النزاهة.
2. اول مؤسسة رقابية في العراق أنشئت عام 1927 وهي ديوان الرقابة المالية والذي يقوم بمراقبة عملية الانفاق العام للدولة، وتكون رقابته بصورة غير منتظمة إذ يقوم بفحص عينة عشوائية من المعاملات الحكومية المالية.
3. ظهر جهاز المفتش العام في بداية الثمانينيات من القرن الماضي في الولايات المتحدة الامريكية، وفي العراق كان هناك دائرة للمفتش العام في بعض الوزرات مثل وزارة الصحة.
4. المجلس الأعلى لمكافحة الفساد هو مجلس تنسيقي يجمع بين المؤسسات الرقابية الثلاث بالإضافة الى رئيس هيأة الاشراف القضائي ورئيس الادعاء العام لغرض توحيد جهودهم، وهنالك تنسيق بين هذا المجلس ومجلس القضاء الأعلى في الأمور المتعلقة بمكافحة الفساد.
5. يمكن تقسيم موارد الفساد في العراق الى ثلاثة، الأول هو الموازنة العامة للدولة في جابها الاستثماري والثاني هو المدخولات الضريبية من المنافذ الحدودية والثالث هو الرشوة.
6. الفساد في الموازنة يحصل فقط في الجانب الاستثماري، لان الموازنة التشغيلية تذهب ديون ورواتب وهي تشغل الحيز الأكبر من الموازنة العامة بنسبة 80%، ويمكن ان تصل قيمة الفساد في هذا النوع الى 2 مليار دولار سنويا ويمكن السيطرة عليه من خلال الشفافية التعاقدات الحكومية.
7. تُعد الأموال التي تدخل الى العراق كواردات (Incomes)هي ابرز مظاهر الفساد الحقيقي عن طريق المنافذ الحدودية، والفساد في المنافذ الحدودية ظاهرة منتشرة في العديد من البلدان وليس العراق فقط، اغلب عمليات الاستيراد تدخل للعراق عبر المنافذ الحدودية الواقعة في البصرة والتي تصل نسبتها الى 80% من مجمل عملية الاستيراد، ويتجلى فساد هذا المظهر بأن ( 2 -3 )مليار منها فقط يدخل حزينة الدولة في حين مجمل البضائع التي تدخل للعراق تتراوح قيمتها(50-60)مليار دولار.
8. نسبة السلع الداخلة من المنافذ الحدودية في كردستان تصل الى 20% معظمها لا يدخل خزينة الدولة وقد تصل نسبتها الى (1,5) مليار، أي هدر الكلي من موارد الدولة يصل بنسبة 50% من الموارد التي لم تدخل بشكلها الطبيعي الى خزانة الحكومة الاتحادية. 
9. تُعدُّ الرشوة وتجلياتها هي المظهر الأبرز من مظاهر الفساد في العراق؛ إذ تشكل التحدي الأكبر لمؤسسات المسؤولة عن مكافحة الفساد، فضلاً عن تحديها لعمليات التنمية والتقدم.
10. أدى تغير القيم الاجتماعية بسبب تدهور الحالة المعاشية خلال سنوات الحصار الاقتصادي خلال التسعينيات الى زيادة معدلات تعاطي الرشوة بين موظفي الدولة، فبعد ما كان ينظر للمرتشي نظرة الاستهجان أصبح موضوع الرشوة اعتياديا خلال التسعينيات وامتد للوقت الحاضر فباتت النسبة الكبرى من موظفي الدولة متعاطية للرشوة بمختلف اشكالها.

 

التوصيات:

1. يجب ان تكون أساليب مكافحة الفساد أساليب علاجية ناجعة وليست وقتية او محدودة ومن ثم تكون لها تداعيات غير قليلة تخلق مشاكل أخرى يكون البلد في غنى عنها. والعلاج يبدأ من الجانب التشريعي أي اصلاح المنظومة التشريعية.
2. ضرورة تعديل الكثير من القوانين والأنظمة مثل قوانين الموارد وأنظمة العمل وقوانين المرور وقوانين العقارات وغيرها من القوانين والأنظمة، اذ هناك خليط ومزيج بين العديد من التشريعات المختلفة منها من يحتوي على نصوص مرنة والأخرى جامدة.
3.معالجة التقاطع التشريعي بين النصوص الحاصل بسبب اختلاف الفلسفة التشريعية خلال الحقب الزمنية المختلفة من العهد الملكية وانتهاء الى أوامر سلطة الائتلاف لاسيما ان الكثير من هذه القوانين لايزال نافذاً لغاية اليوم.
4. يجب ان تكون فلسفة معالجة الفساد فلسفة وقائية اي ان تكون قائمة على القضاء على منابع الفساد وتجفيفها وليس قائمة على مكافحة المفسدون من خلال العقوبات المختلفة.
5. ضرورة تبني الحوكمة الالكترونية؛ وذلك عن طريق إدخال التحديث على طرق العمل البدائية في مؤسسات الدولة والتي تكون معرضة لفساد الافراد وأمزجتهم.
6. ضرورة تبني نظام مصرفي عالمي حديث وترك النظم المصرفية المهترئة المعمول بها في العراق، لكي يتسنى للمؤسسات مكافحة الفساد المالي وهو النوع الأبرز من أنواع الفساد في العراق.
7. يجب ان تكون الميزانية التشغيلية المتمثلة بالرواتب مقابل العمل وليس مقابل الوقت فقط؛ أي يجب رفع كفاءة الافراد عن طريق جعل رواتبهم مقابل العمل الذي يؤدونه وليس مقابل الوقت الذي يقضونه فقط.