أزمة الكهرباء: التحدِّي الأكبر والأموال المهدورة في هذا القطَّاع، في نقطة حِوار بين أعضاء مركز الرافدين للحوار(RCD)
أزمةٌ تشتعل مع ارتفاع حرارة صيف العراق اللاهب؛ لقلَّة تزويد الكهرباء للمواطنين، وغياب الأمل في إصلاحه، في ضوء تجربة السنوات السابقة، وتراجع الانتاج الوطني الصناعي والزراعي، الأمر الذي حمل أغلب المواطنين، متخصِّصين وغير متخصّصين، على الاعتقاد بصعوبة الحلِّ القريب في أقلِّ تقدير؛ للأسباب آنفة الذكر، فضلا عن سوء إدارة هذا الملفِّ الحيوي وتفشِّي الفساد في كلِّ صفحاته.
وفي هذا السِياق أبدى السادَّة أعضاء مركز الرافدين للحِوار (RCD) رؤيتهم، عبر النقاش الذي دار بينهم في هذا الشأن، وشارك فيه كلٌّ من السادَّة:
1. الدكتور أحمد الميالي، استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد
2. الأستاذ غازي رحو، الأمين العام لاتحاد الإحصائيين العرب
3. الأستاذ عبد الوهاب جبار المحمداوي، كاتب وصحفي
4. الأستاذ سعيد ياسين موسى، ناشط مدني
5. الاستاذ هاشم الشديدي، مستشار وزير الكهرباء
6. الدكتور محمد الشمري، عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة الوطني
7. الاستاذ فادي الشمري، عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة الوطني
8. الاستاذ زيد النجار، استاذ اكاديمي
9. الاستاذ سعدون شيحان، كاتب وناشط وإعلامي
وقد جرى الحوار على النحو الآتي:
الدكتور أحمد الميالي:
منذ سبع عشرة سنة وقطَّاع الكهرباء يتأرجح على حافة الانهيار؛ بسبب سوء الإدارة والفساد المتفشِّي في هذا الملف الذي، بما أدَّى ويؤدِّي اليومَ، إلى حرمان البلاد من الطاقة الكهربائية على مدار الساعة. وما زال مستوى انتاج الطاقة الكهربائية منخفضا إلى مستوى النصف أو أقلَّ من ذلك في فصل الصيف، وهذا ما يعمل على شلِّ حركة الصناعة والزراعة وبقيَّة القطاعات الانتاجية، وهو ما زرع اليأس في النفوس من إصلاح منظومة الطاقة الكهربائية، الاحتجاجات الشعبية الموسمية العارمة التي تترافق غالبا مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف وانقطاع التيار الكهربائي طوال السنوات الماضية، من دون معرفة المواطن العراقي بالأسباب الحقيقية التي تحول دون إصلاح المنظومة الكهربائية، لأسباب فنيّة، إذ يقتصر العلم بها على الدائرة الضيَّقة من المتخصِّصين في هذه الوزارة، فضلا عن غياب الشفافية عن هذا الملف. وكان الأمل معقودا على حكومة عادل عبد المهدي في حلِّ هذه المشكلة، بعد تسنَّم السيّد لؤي الخطيب وزارة الكهرباء، بوصفه شخصية مستقلة، وله رؤية وخبرة في مجال الطاقة، ولكنَّ واقع الكهرباء لم يتغيَّر خلال سنة ونصف!. واستمرت الوزارة تعلِّل وتسوِّغ ذلك بالتجاوز على الشبكة الكهربائية، وزيادة الاستهلاك، وتهرُّب المستهلكين من دفع الجباية...، إلى غير ذلك من أسباب فنيّة وإدارية، يرتبط أغلبها بالإدارة غير الكفوءة، وما في هذا القطّاع من سرقات وفساد مالي في كلِّ مراحله، تجهيزا وتوليدا ونقلا وتوزيعا.
"حقائق تتكلم..."
وفي مداخلة الأستاذ غازي رحو ذكر فيها: عندما تسلَّم الخطيب وزارة الكهرباء ونشر بعض التوضيحات بشأن تعيين شخصيتين من خارج العراق، بصفة مستشاريْن في الوزارة، من دون راتب، تبرُّعا منها كما قال الخطيب، وهما من أصحاب الشركات في قطاع الكهرباء، وصار لهما تأثيرٌ في الوزارة، كتبنا في هذا الموقع عن هذا الأمر وأشرنا إلى أنَّ الخطيب لديه شركة مفلسة في بريطانيا، وقد أُغلقت. وقلنا إنَّ هذين الرجلين عُيِّنا في الوزارة لأسباب غير مهنية، تتعلق بالفساد والعقود والضغط على الشركات الكبرى للحصول على العمولات...، فانبرى أحد المشاركين في هذا الموقع، إذ شمَّر عن ساعده وقلمه ليدافع دفاعا مستميتا عن الخطيب. وعندما تكلَّمت السيدة عالية نصيف والسيد مشعان الجبوري عمَّا يحدث في وزارة الكهرباء من فساد وعقود يقودها هذان (المستشاران) اللذين عيَّنهما الخطيب في الوزارة (تبرُّعا)، من دون راتب، ثارت ثائرة بعضهم. وها هي الحقائق تتكلَّم اليومَ، وإن لم تُكشف كلُّها، فكثير منها ما زال بانتظار أجهزة الرقابة والنزاهة لتحقِّق في العقود التي أبرمها الخطيب، منذ تسلُّمه وزارة الكهرباء حتّى مغادرته منها، فضلا عن ملفِّ التعيينات في الوزارة الذي لم يعُد خافيا على أحدٍ، بمَن فيهم مَن عُيِّنوا في المواقع المهمة.
"(46) مليار دولار حجم الانفاق من الاموال على قطاع الكهرباء"
حول ذلك بين الأستاذ عبد الوهاب جبار المحمداوي: بان حجم ما أُنفق من أموال على قطَّاع الكهرباء، منذ سنة (2005) حتَّى الآن قد بلغ ستةً وأربعين مليار دولار، وهي أموالٌ تكفي لإنشاء عشرات المحطات الكهربائية العملاقة لإنتاج الكهرباء، على امتداد خارطة العراق، فيما لو أنفقت بمهنيَّةٍ وأمانة وإخلاص، ولكن ما يؤسف له أنَّ تلك الأموال أُهدرت وبقي قطَّاع الكهرباء بائسا ومترديَّا، ليدفع المواطن هذا البؤس والتردِّي في كلِّ صيف. لذا بودِّنا أن يتدَّخل السيد الكاظمي في إدارة هذا الملف، وأن يقف على مشكلاته عن قرب، ليضع اصبعه على الجُرح ويشخِّص الخلل ابتغاء إصلاحه، وأن يفتِّش عن الأموال التي أهدرت والجهود التي ضاعت عبر سنواتٍ خلت، وأن يوقف التصريحات التي تعدنا بالمَنِّ والسلوى، كتلك التي أطلقها بعض المسؤولين بأنَّ العراق سيصدر الكهرباء إلى دولٍ أخرى؛ لأنَّ الشعب ينتظر حلولا حقيقية جذرية، بعد أن شبع من تلك التصريحات والوعود البرَّاقة.
"الكهرباء وآثارها على الوطن والمواطن"
كما بين الأستاذ سعيد ياسين موسى في مداخلته: إنَّ تخلُّف قطاع الكهرباء قد ترك آثارا سيئةً في الوطن والمواطن، منها: هدرٌ كبير في الأموال، وترهُّلٌ وظيفي، وتراجعُ الانتاج الوطني الصناعي والزراعي في البلد، وتعطيلُ معامل القطاع الخاص وزيادة استيراد السلع لتمويل اقتصاديات دول أخرى، وفسادٌ إداري ومالي، وتهريبٌ وغسيلُ أموال، وزيادة البطالة، وتخلخل الاستقرار المجتمعي، ونشوء عصابات ابتزاز، وعنفٌ وإرهاب، وإضرارٌ بالأمن الوطني...
"(90,000) عقد واجير يومي وصلت التعينات في عهد الدكتور لؤي الخطيب"
وتطرق الاستاذ هاشم الشديدي في مداخلته قائلا: لقد حضرنا اجتماع وزراء الطاقة العالمي في تركيا (اسطنبول) سنة (2016) ، واستمعنا إلى كلمات في المعلومات والتكنلوجيا الحديثة في إدارة الطاقة في العالم. وفي أثناء ذلك، تحدَّث بعضهم عن إدارة الموارد البشرية، ودخول التكنولوجيا الحديثة (النانو والأتمتة) وتأثيرها المستقبلي في الأيدي العاملة، وذكروا بأنَّ (موظفا واحد) لكلِّ (ميكا واط)، وكانت مفاجئة بالنسبة لي، إذ كان عدد الموظفين لدينا (64000) أربعةً وستين ألف موظفٍ دائميٍّ، وأكثرَ من (23000) ثلاثة وعشرين ألف بعقود، و (8700) ثمانية آلاف وسبعمائة بأجورٍ يومية. وبعد رجوعنا كتبتُ تقريرا عن هذا الاجتماع، متضمِّنا هذه الملاحظة. وفي سنة (٢٠١٨) أُعلن في المؤتمر عن أنَّ العدد أصبح (موظف واحدا) لكلِّ (اثنين ميكا واط). ولكنَّ التعيينات التي حدثت في زمن د. لؤي الخطيب، لأكثرَ من (90000) تسعين ألف بعقودٍ وأجور يومية، قد وضعت وزارة الكهرباء أمام مأزق كبير، من حيث الأعداد الكبيرة من الموظفين وكيفية صرف رواتبهم التي تبلغ أكثر من خمسمائة وخمسة وثلاثين مليار دينار سنويا، بناءً على ما جاء في تقرير اللجنة التي شُكِّلت لاحتساب رواتبهم السنوية!. من هنا نقول: إذا كان السيِّد الخطيب يدري فتلك مصيبةٌ، وإن كان لا يدري فالمصيبة أعظم.
"الكشف عن ملفات الفساد"
وفي مداخلة للدكتور محمد الشمري قال فيها: لا شكَّ في المسؤولية الشرعية والوطنية والأخلاقية تقتضي منَّا جميعا، مؤسساتٍ ومراكزَ دراسات، ومنظمات مجتمع مدني، وأفرادا، الكشف عن ملفات الفساد. وما لا اتفق معه هو إصدار أحكام مسبقة، قبل أن تقول الجهات المتخصِّصة كلمتها النهائية فيها. وثمَّة شبهاتٌ كثيرة، بعضها حقيقي وأغلبها كثير غير حقيقي. لذا لا بدَّ من أن تُحال ملفات الفساد إلى الجهات الرقابية لتدقيقها، ومن ثمَّ تُحال إلى القضاء إذا ما ثبت أيُّ خللٍ فيها، وإلّا تبقى في دائرة الاتهام، والمتَّهمُ بريءٌ حتى تثبت إدانته.
ويستطيع مركز الرافدين للحوار، بوعي أعضائه ومكانتهم، أن يؤسِّس لثقافة قانونية واجتماعية من شأنها أن ترسِّخ سلطة القضاء، وتحدَّ من الادعاءات، وتدافع عن المظلومين، سواءٌ أكانوا من ضحايا الفساد، وهم الأغلبية، أم من ضحايا التسقيط السياسي.
وقال الاستاذ فادي الشمري في مداخلته: بأن الخطيب كان اسير لوبيات الفساد التي مكنها وجعلها متحكمة في مفاصل الوزارة حتى انهارت على يديه تماما رغم الميزانية الاضخم منذ 8 سنوات .. علما ان(2) من اقدم وافضل الشخصيات في الوزارة رفضوا عرض التوزير بسبب الانهيارات الحاصلة في الوزارة التي تحتاج الى وقت حتى تعاد الى ما قبل توزير الخطيب.
الاستاذ زيد النجار شدد في مداخلته: على كل من تحمل مسؤولية ملف الطاقة خلال السنوات السابقة بانه يستحق المحاسبة بل وربما المحاكمة، من أيهم السامرائي مروراً بحسين الشهرستاني إلى قاسم الفهداوي.
لكن السيد وزير الكهرباء السابق لؤي الخطيب انفرد بتركه منظومة طاقة انهارت في منتصف شهر آيار، مما يجعله وعن استحقاق وجدارة..
وتعقيبا على ما ورد من قبل بعض السادة النواب ومطالبتهم من السيد رئيس الوزراء بضرورة حل مشكلة ودفع اجور ومستحقات اصحاب العقود والاجور اليومية فقد ذكر الاستاذ سعدون شيحان في مداخلته قائلا فيها: "السيد لؤي الخطيب قد افشل قدرة الحفاظ على واقع وزارة الكهرباء وانه قد اضاف تحدي جديد عليك أن تعالج موروثه وبعدها تفكر كيف تنهض باطر العمل".
الاستنتاجات:
1- ما زالت مشكلة تزويد المواطنين بالطاقة الكهربائية قائمة، وتتفاقم في كلِّ صيف، من أن يرقب المواطنون أملا في حلِّها.
2- إنَّ الترهُّل الوظيفي في وزارة الكهرباء أضحى مشكلةً حقيقية مركَّبة، إدارية مالية، تُضافُ إلى مشكلاتها الفنية والإدارية الكبرى، ولاسيَّما التعيينات الفوضوية في زمن الوزير السيّد لؤي الخطيب، ولا بدَّ من التحقيق فيها.
3- إنَّ إهدار عشرات المليارات التي أُنفقت على وزارة الكهرباء كانت كافية لتأهيل المنظومة الكهربائية على النحو الذي يوفِّر الطاقة الكهربائية للمواطنين، والقطاعات الانتاجية الصناعية والزراعية بشكل فاعل.