الربط الكهربائي بين العراق والخليج: المشاكل والعقبات في نقطة حِوار بين أعضاء مركز الرافدين للحوار-RCD
يرى البعض ان من المشاكل التي تواجهنا اليوم حول مشروع ربط الكهرباء هي البنية التحتية العراقية التي شيدت لبلد تعداده أقل من ١٠ ملايين نسمة واليوم نفوسه تناهز الـ٤٠ مليونا، وانه كان من المفترض على العراق ان يكون ضمن شبكة الربط العربي والذي يبدأ من مصر وسوريا ولبنان والاردن ثم العراق الى دول الخليج منذ 2003.
الربط الكهربائي بين العراق والخليج: المشاكل والعقبات
في نقطة حِوار بين أعضاء مركز الرافدين للحوار-RCD
الصيف "السابع عشر" والعراق يعاني من النقص الحاد في الطاقة الكهربائية، تلك الازمة التي أرقت جميع العراقيين، يضاف الى ذلك ما يشكله هذا النقص الحاد في مصادر الطاقة من عبء على الحياة الاقتصادية والمعيشية.
يرى البعض ان من المشاكل التي تواجهنا اليوم حول مشروع ربط الكهرباء هي البنية التحتية العراقية التي شيدت لبلد تعداده أقل من ١٠ ملايين نسمة واليوم نفوسه تناهز الـ٤٠ مليونا، وانه كان من المفترض على العراق ان يكون ضمن شبكة الربط العربي والذي يبدأ من مصر وسوريا ولبنان والاردن ثم العراق الى دول الخليج منذ 2003.
وفي هذا السِياق؛ أبدى السادَّة أعضاء مركز الرافدين للحِوار RCD رؤيتهم، من خِلال النِقاش الذي دَار بينهم حول ذلك الموضوع، وقد كان من ضِمن المُتحاورين كُل مِن السادَّة:
1. الشيخ صباح الساعدي| رئيس كتلة الإصلاح النيابية
2. الدكتور عباس كاظم| مستشار في اتلانتيك كاونسل(Atlantic Council)
3. الدكتور محمد الشمري| عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة الوطني
4. الاستاذ زيد النجار| استاذ اكاديمي
5. سيد هاشم الشديدي| مستشار وزير الكهرباء
6. الاستاذ مازن الزيدي| كاتِب وإعلامي
7. الاستاذ ماجد الساعدي| رئيس مجلس الاعمال العراقي في الاردن
8. الاستاذ فادي الشمري| عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة الوطني
وتضمَّن الحِوار الذي دارَ بينهُم ما يأتي: -
بين الاستاذ مازن الزيدي في مداخلته كل ما تم توقيعه من مذكرات التفاهم والاتفاقات التي جرت حول الربط الكهربائي بين العراق والخليج وكالاتي :
- في نيسان 2019 تم توقيع مذكرتي تفاهم بين العراق والسعودية من اجل "التعاون في مجال الكهرباء"، الاولى تضمنت تقوية وتعزيز وتطوير وتبادل وتعاون مشترك بين وزارة الكهرباء العراقية ونظيرتها السعودية، والثانية تضمنت الاتفاق على وضع آليات من اجل عمل دراسة جدوى للربط الكهربائي بين العراق والخليج.
- آب 2019 زار العراق وفد سعودي وتم الاتفاق على ما تقدم بحسب تصريح وزارة الكهرباء العراقية فيما لم يعلن الجانب السعودي عن شيء.
- آيار 2020 تم تفعيل مذكرتي التفاهم بين العراق والسعودية والاعلان عن دعوة الرياض للاستثمار في سوق الطاقة العراقي.
- تسريبات من مذكرة التفاهم اشارت الى انه تضمن استيراد الكهرباء عن طريق ربط خط يأتي من السعودية بالخط 400 العراقي وكذلك استيراد الغاز السعودي لتشغيل محطات الكهرباء العراقية
- وجهت بغداد للرياض دعوة وبوساطة شركة سعودية خاصة من أجل الاستثمار في حقلي المنصورية وعكاز الغازيين بعد انسحاب شركة تركية وتلكؤ شركة كورية في الاول واستمرار النشاط الارهابي في محيط الثاني.
- في ايار 2020 اعلن وزير المالية علي علاوي من الرياض تخلي العراق عن الكهرباء والغاز الايرانيين بسبب العقوبات الأمريكية بعد آخر تمديد والذي تبقى له شهران
- في ايار 2020 اعلن عضو لجنة الطاقة النيابية هيبت الحلبوسي عن ان مدة تنفيذ الربط مع السعودية يتراوح بين 6 اشهر الى سنة.
- في حزيران 2020 كشفت الحكومة العراقية عن أن حجم الكهرباء التي سيصدرها الخليج الى العراق هي 500 ميجاواط فقط وان المشروع سيتأخر تنفيذه الى اجل غير مسمى بسبب جائحة كورونا، فيما لفتت إلى توجه جديد نحو الأردن وتركيا
- فكرة الربط الكهربائي مع الخليج سبقت مصر بها العراق عام 2010 والمشروع يواجه عقبات وصعوبات كثيرة تعرقل تنفيذه، على مدار 10 سنوات أجريت مباحثات ومشاورات واجتماعات، ولكنّها لم تسفر عن شيء، حيث توقّف المشروع أكثر من مرّة بسبب أحداث سياسية، مع تعديل مسار المشروع، وتأجيله لأسباب فنّية، وآخرها بسبب فيروس كورونا.
- مشاريع ربط شبكة الكهرباء في الخليج مع مصر والعراق تقع ضمن رؤية السعودية 2030 التي طرحها ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان.
واما الاستاذ ماجد الساعدي فقد بين بانه لا يمكن الاستغناء عن الكهرباء والغاز الايراني المستورد لعدم وجود البديل، السعودية طرحت الفكرة حول تجهيز الغاز والربط الكهربائي وهذا شيء جيد لكن بحاجة الى بنية تحتية وتمديدات وربط على الشبكة .
وان الربط الكهربائي مشروع قديم منذ 2003 والمفروض ان يكون العراق ضمن شبكة الربط العربي الذي يبدأ من مصر وسوريا ولبنان والاردن ثم العراق الى دول الخليج .
فيما اوضح الدكتور محمد الشمري: أن المشروع يعود الى الثمانينات، وكان جزءاً من مجالات التعاون بين العراق ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، وكان يفترض أنه يرتبط مع شبكة أخرى تضم الاردن ومصر.
وقال الاستاذ مازن الزيدي: اذا ما جمعنا الكهرباء والغاز الايراني فاعتقد أن ثلث طاقة العراق تأتي من ايران، فهل بالإمكان حلّ ذلك في غضون 3 اشهر كما يريد الامريكان من الكاظمي؟
وقال الدكتور محمد الشمري في مداخلته: باعتقادي أن تنويع مصادر الطاقة المستوردة يحقق امرين اساسيين: -
- الاول تعزيز فرص تحول العراق الى مركز لشبكة التعاون الاقليمي، والذي قد يشمل اطراف الصراع الاقليمي، وربما بما يقود الى تهدئة التوترات.
- الثاني أنه يوفر مرونة للعراق في الظروف الاستثنائية، سواء الفنية او السياسية او الاقتصادية، وبما يضمن استمرار وصول الطاقة الكهربائية الى المواطنين.
ومع ذلك، لا أجد بديلاً استراتيجياً أفضل من تحقيق الاكتفاء الذاتي، باستثمار الغاز العراقي، وتحسين اداء وجودة انتاج الطاقة، والعراق اليوم بحاجة لكل سنت للخروج من أزمته المالية.
وتطرق الاستاذ زيد النجار في مداخلته قائلا: بعيداً عن السياسة.. الربط مع السعودية غير مجدي اقتصادياً واستراتيجياً.. والاستغناء عن الغار الايراني ممكن عن طريق استيراد الغاز المسال وهو أنسب سعراً من الغاز الايراني
فيما بين الاستاذ مازن الزيدي: بانه هناك مشروعان يضغط لتنفيذهما الجانب الامريكي لدواعي لا تخص العراق بقدر تعلقها بسياسات واشنطن في المنطقة:
- انبوب البصرة - عقبة،- الربط الكهربائي مع السعودية.
وعقب الاستاذ زيد النجار على مداخلة الاستاذ مازن الزيدي قائلا: ومن هو عراب أنبوب البصرة-عقبة والذي أحياه بعد أن اندثرت الفكرة في نهاية ولاية المالكي الثانية وتعهده وكان على وشك البدء به؟؟؟ مع ملاحظة أن الغاز السائل ينقل بناقلات الغاز السائل المركب عليها معمل gasification (إرجاع الغاز الى حالته الغازية) ويمكن حينها ضخ الغاز الجاف عبر الشبكة الوطنية (نحتاج وصلة قصيرة بين الميناء والشبكة).
وفي مداخلة له ذكر الاستاذ هاشم الشديدي: ان العراق يستورد من الجارة ايران بحدود 1200-1300ميكاواط ومن خمسة خطوط ويستورد العراق الغاز الايراني بحدود 31 مليون متر مكعب يوميا انتاج الغاز العراقي المصاحب 1200 مق مق (لتحويل المقمق الى متر مكعب تضرب في28316)، السؤال الان هل بالإمكان الاستغناء عن الاستيراد للطاقة وللغاز وهل بالإمكان العمل ببديل كفوء سواء عراقي او مصدر اخر ؟
وللإجابة على الاسئلة اعلاه لابد من ذكر ان العراق يحتاج الطاقة فقط اثناء حمل الذروة وهي صيفا اربعة اشهر وشتاءا شهرين وما مجموعه ٦ شهور فقط والا فالشهور الباقية تنخفض الاحمال ( لا تبريد ولا تدفئة) ولذا تحاول وزارة الكهرباء ادخال محطاتها بجداول للصيانة وهي الفترة الذهبية للوزارة.
ولذا عملية توفير 1200 م و ليست صعبة بالنسبة للعراق وبالإمكان توفير البديل (كالطاقة النظيفة) او كما عملنا العام الماضي من خلال زيادة الاطلاقات المائية وبذلك تعمل المحطات الكهرومائية لتصل الى اكثر من 1200 م وبالنسبة للغاز فنحن عام 2016 طرحنا اربعة بدائل ورفعناه الى لجنة الطاقة الوزارية وتوقف ومنها:
1- اسلوب عمان فهم ليس لديهم غاز وعندهم محطات غازية وبذلك فهم يستوردون LNG الغاز السائل وفعلا استلمنا عرض من قطر للغاز بتجهيز الحكومة بالغاز مع نصب خزان بالميناء بالبصرة وربطه على الانبوب القطري للغاز
2- اغلب المحطات الغازية تعمل على الغاز والوقود البديل هو الكاز ولذا عملنا دراسة بالتعاون مع وزارة الصناعة بنصب محطات عزل Topping unit للنفط الخام الذي يجهز حاليا لوزارة الكهرباء واستخلاص منه الكاز ( LDO) و النفط الاسود ( HFO ) وهو كافي لتشغيل كافة المحطات الغازية لفترة لحين ان يتم استثمار جميع الغاز المصاحب وهو يكفي تقريبا لمحطاتنا وخصوصا اذا تم استثمار الغاز الحر وليس فقط المصاحب.
3-الاستيراد من انبوب الغاز التركي والذي لا يبعد كثيرا عن الحدود العراقية واخذنا عدم ممانعة وكيل وزير الطاقة التركي كونهم اصلا يستوردون من عدة مصادر وليس لديهم انتاج وبعدها يربط الى الانبوب المركزي.
4-استخدام غاز LPG لتشغيل المحطات. بالمناسبة مشكلة وزارة الكهرباء ليس باستيراد الطاقة بل باستيراد الغاز والسبب ان عقود المستثمرين هي Take OR Pay والوقود والماء وتصريف الطاقة على عاتق الوزارة وهنا المشكلة الحقيقية (اشتري أو ادفع)
وقال الشيخ صباح الساعدي: اننا ندخل الصيف السابع عشر ومشكلة الكهرباء تتعقد ولهذا قدمنا طلبا بتشكيل لجنة تحقيقية في موضوع الطاقة الكهربائية والتحقيق في قضية عقود الكهرباء يشمل كل الوزراء منذ عام 2006 الى اليوم الحاضر.
وبين الشيخ الساعدي انه انطلاقا من تفعيل الدور الرقابي لمجلس النواب وانسجاما مع مشروع الاصلاح الذي نؤمن به وفقا للآليات التي حددها النظام الداخلي للمجلس لتفعيل الرقابة البرلمانية من خلال جلسات الاستضافة او الاستجواب او لجان التحقيق التي يشكلها المجلس للتحقيق في قضايا الفساد وحيث ان مشكلة الطاقة الكهربائية هي من المشاكل الحيوية والأساسية التي لم تجد الحكومة حلا لها
ونبه سماحته على اننا اليوم ندخل الصيف السابع عشر ومشكلة الكهرباء تتعقد يوما بعد يوما وشهرا بعد شهر وصيفا بعد صيف والأكثر ايلاما هو زيادة التخصيصات المالية للكهرباء والحكومة اذ يقدر الشيخ الساعدي ان التخصيصات تجاوزت الخمسين مليارا من الدولارات على مدى السنوات السابقة لوزارة الكهرباء
واكد رئيس كتلة الاصلاح والاعمار ان التحقيقات تشمل كل العقود التي أبرمت في زمن الوزراء للكهرباء وهم: محسن شلاش، كريم وحيد، رعد شلال، كريم عفتان، قاسم الفهداوي، لؤي الخطيب، وكذلك تشمل نواب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وهم: حسين الشهرستاني وثامر الغضبان نائب رئيس الوزراء الحالي.
وقال الدكتور عباس كاظم: لم يحدث أي تقدم ملموس بالرغم من توقيع اتفاقية الربط الكهربائي ببغداد في أيلول الماضي. وانه في الشهر الماضي قد أكمل العراق التزامه بإكمال البنية التحتية للربط الكهربائي حتى الحدود مع الكويت.
والى الآن لم يحدث أي تقدم ملموس في إنشاء البنية التحتية من الجانب الخليجي. البيانات والوعود سهلة. المهم ما يجري على الأرض.
وقال الاستاذ فادي الشمري في مداخلته: وهل المشكلة بالإنتاج ام بقطاعي التوزيع والنقل .. لنفترض جدلا ان الربط الخليجي تحقق وتوفرت كل بناه التحتية هل ستستطيع وزارة الكهرباء تفريغ هذه الاحمال وتوزيعها !!؟ الجواب كلا ..
المنهج التصميمي لخطوط النقل والتوزيع في العراق مصممة على قدرة تحمل (18500 ميغا واط) والانتاج الحالي مع المستورد يقترب من 17 الف ميغا واط فكيف يمكن استثمار اي زيادة على الانتاج بدون ان توفر المحطات الثانوية وخطوط النقل والتوزيع الاضافية !!؟
وهذه احدى اهم الملفات التي يجب ان تثار على الوزير الخطيب الذي اعلن (كذبا) انه وصل الى طاقة انتاجية 19500 وهو مستبشر بينما هذا الامر يجب ان يسأل عليه ويحاسب كيف تدعي انتاج 1000 ميكا واط اضافية على فرض صلاحية الشبكة وتحملها وهي غير قادرة على حمل سوى 18500 فقط!! والذي يعني بلغة الارقام خسارة مليار دولار اضافي هباءا .. الكلام في هذا الموضوع معقد ومتشابك ومزعج ومؤلم ايضا..
فيما ذكر الدكتور عباس كاظم مداخلته قائلا: ان البنية التحتية العراقية شيدت لبلد تعداده أقل من 10 ملايين نسمة وفي كل منزل ثلاجة ومبردة وتلفزيون وبضعة مصابيح. اليوم نفوس العراق تناهز ال40 مليوناً والبيوت متخمة بأجهزة رخيصة تبلع الطاقة كما يبلع الاسفنج الماء، من مناشئ لا تهتم بترشيد الاستهلاك. ولأن الكهرباء مجانية تقريباً فالعراقيون لا يؤمنون بالترشيد أيضاً.
طالبت بأن تعطى الكهرباء لشركات استثمارية تشيد البنية التحتية وتدير القطاع بشروط مشددة تضمن خدمة جيدة بأسعار معقولة. ويمكن للحكومة أن تتحول إلى جهة رقابية وتحول المليارات المهدورة على بيروقراطية فاسدة وفاشلة إلى دعم لمشاريع الطاقة البديلة ويذهب بعضها إلى دعم العوائل الفقيرة من خلال تخفيض فواتيرها.
الخلاصة:
1- وضع الطاقة في العراق مشكلة مركبة، ذات ابعاد فنية و اجتماعية واحيانا سياسية.
2- الربط مع دول الجوار يواجه عقبات فنية تتمثل بعدم جاهزية المنظومة العراقية لتحمل امدادات طاقة جديدة ، فضلا عن صعوبات تقنية تتمثل ببعد المسافة وجدية الأطراف في تنفيذ هكذا مشاريع.
3- زيادة عدد السكان التي أدت الى زيادة الاستهلاك المصحوبة بعدم الترشيد وعدم تسديد مستحقات الوزارة هي من أسباب تردي واقع الطاقة الكهربائية في العراق.
4- عدم الشفافية كانت مرافقة دائما لعمل وزارة الكهرباء بتعاقب وزرائها، فالمبالغ التي انفقت مبالغ طائلة لكن تحسن الطاقة ظل محدودا ولا توجد تقارير شفافة توضح السبب.
5- تراكم مشكلة الكهرباء بعد كل هذه الفترة يحولها الى ازمة ممكن ان تؤدي الى تاجيج الشارع ضد الحكومة كما يحصل في هذه الأيام في بعض المحافظات.