مشروع ميناء الفاو الكبير في نقطة حِوار بين أعضاء مركز الرافدين للحوار-RCD
وبالنظر لأهمية المشروع فقد ادلى السادة أعضاء مركز الرافدين للحوارRCD برأيهم بخصوص هذا المشروع العملاق، فقد اكد قسم منهم على ضرورة ان يكون هناك دور الى جانب وزارة النقل في المشروع لخبراء الاقتصاد والامن الوطني.
ومن اجل انجاح المشروع أكد آخرون على توفير المتطلبات اللازمة كافة، وان يكون التشغيل على اسس تجارية ومقاييس عالمية.
وفي هذا السِياق؛ أبدى السادَّة أعضاء مركز الرافدين للحِوار R.C.D رؤيتهم، من خِلال النِقاش الذي دَار بينهم حول ذلك الموضوع، وقد كان من ضِمن المُتحاورين كُل مِن السادَّة:
1. الاستاذ زيد النجار| استاذ اكاديمي
2. القاضي مشرق ناجي| عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق
3. الاستاذ هاشم الشديدي| خبير في مجال الصناعة والطاقة
4. الاستاذ ماجد الساعدي| رئيس مجلس الاعمال العراقي في الاردن
5. قيصر النوري | مفتش عام وزارة النقل السابق
6. عقيل جبر علي | خبير اقتصادي
وتضمَّن الحِوار الذي دارَ بينهُم ما يأتي: -
المداخلة الاولى للاستاذ زيد النجار: 99% من الكلام الذي يدور في وسائل التواصل الاجتماعي يسطره أناس غير مختصين وغير مطلعين وغالباً محدودي القدرة على التحليل واتخاذ القرارات البسيطة فضلاً عن الاستراتيجية.
هؤلاء ليسو أكثر من جنود موجهين ينفذون ما عليهم، ويملأون الدنيا ضجيجاً عن طريق الحرير، وأن العراق سيكون هو محطة أساسية في طريق الحرير، وأن العراق سيوصل بين الشرق والغرب، بل ربما سيكون مركز المجرة، بمجرد أن يحال مشروع ميناء الفاو الكبير إلى شركة صينية!!!
الموضوع أعقد بكثير مما يطرحه هؤلاء الجنود مدفوعي الأجر. مشروع ميناء الفاو الكبير مشروع استراتيجي بالتأكيد، ولكن يجب النظر اليه من منظور كلي لا جزئي حتى نستطيع أن نوفر متطلبات جعله مشروعاً له إسهام كبير في تطوير الاقتصاد الوطني.
هنالك متطلبات حاكمة لنجاح المشروع، ومجرد تنفيذه لن يجعل تلك المتطلبات تتوفر، ومن ثم لن يجعل المشروع ذا فائدة كبيرة للاقتصاد العراقي. والمجال لا يتسع لتفصيل ذلك، لكن الغالبية العظمى ممن يملأون الفضائيات والفيسبوك وتويتر بالضجيج لا يعلمون عما يتكلمون عنه.
من جانبه يرى القاضي مشرق ناجي: هذا الملف مرتبط بمصالح جيو-سياسية، وجيو- إستراتيجية لدول عظمى وكبرى ومتوسطة، وواهم من يعتقد أن هذا الميناء سيكون له أثر أو فائدة دون أن تكون هنالك واقعية سياسية لصانع ومتخذ القرار السياسي العراقي، أن الميناء خاضع لصراعات دول وبالتالي يجب أن تكون هنالك شراكة أو تحالف بين الدول المؤثرة لبنائه ولتشغيله، أما المزاجيات في هذه الشركة أو تلك دون حساب البيئة الإقليمية والدولية، فإنه سيكون هدرا للأموال وعدم الفائدة ولن يكتب له النجاح.
هذا المشروع لا يتعلق بوزارة النقل أو الموانئ فقط، وإنما يجب أن يكون لخبراء الاستراتيجية والاقتصاد والأمن الوطني دور في ذلك.
وقال الاستاذ هاشم الشديدي في مداخلته: كيفية ادارة الميناء ومن يقوم بها والعلاقات والاتفاقات العالمية مع موانئ العالم وتبادل المنفعة مؤكد هي السبب الرئيس للنجاح وتحويل الميناء الى مورد حقيقي يوازي او يزيد على مورد النفط وخصوصا ان التوجه العالمي للتحول الى الطاقات البديلة، ولدينا الكثير من الامثلة عن فشل مشاريع ووزارات ناجحة منتجة ومدرة للأموال وتحويلها الى عالة مستهلكة بسبب سوء الادارة، فعلا نحتاج الى دراسة معمقة ووضع خطة يتم تنفيذها بالتوازي مع انشاء الميناء وكذلك التركيز في الخطة انشاء المشاريع اللوجستية الاخرى لإنجاح عمل الميناء من الطرق القياسية والسكك وكما اسلفنا الاتفاقات الدولية واقرارها من مجلس النواب لتكون ملزمة لجميع الحكومات المتلاحقة كل ذلك محدد بأوقات زمنية ملائمة قابلة للتحقق اخذين بنظر الاعتبار ظروف العراق.
واما الاستاذ ماجد الساعدي فأنه يرى بأن تشغيل الميناء على اسس تجارية ومقاييس عالمية مهم جدا اذا لم يكن اكثر اهمية من بنائه ومثالنا الخطوط الجوية العراقية التي شارفت على الافلاس بالرغم من المباني والمنشآت والمصانع والطائرات لا تعطي نتائج جيدة ومربحة اذا لم تدار بشكل صحيح.
١- جميع طائراتها حديثة.
٢- جميع طائراتها مدفوعة الثمن.
٣- ليس عليها قروض تثقل ميزانيتها اذا كيف تخسر ؟
٦- رواتب طياريها وطواقمها وموظفيها اقل رواتب في العالم في هذه الصناعة.
٥- وقودها شبه مجاني.
٤- لديها حقوق حصرية لجميع الوجهات ومطارات العالم.
وتطرق الاستاذ زيد النجار: الى أن القوانين والتشريعات المرتبطة ببيئة العمل والاستثمار وسهولة الأعمال يجب أن تتغير وتتطور حتى يمكن النهوض بقطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهو الحيز الاقتصادي الذي يمكن أن يكون الأكثر استفادة من هذا المشروع الاستراتيجي، والأكثر قدرة على توفير فرص عمل جديدة.
اما ان يدار من وزارة النقل وممثلي بعض الجهات المستفيدة كما هو الحال الان فلن يتغير شيء.
فيما اكد الاستاذ ماجد الساعدي: بان الميناء الجديد ممكن ان ينجح بشكل كبير ومؤثر ومربح اذا تم ادارته من قبل شركة دولية متخصصة.
اما ان يدار من وزارة النقل فهو امر غير عملي، والافضل ان يتم التعاقد مع شركات دولية متخصصه الان توازيا مع عقد البناء وليس بعد اكتمال البناء ووجود اخطاء لا يمكن معالجتها لاحقا لان من المنطقي ان يكون المشغل جزء من فريق التصميم ومتابعة التنفيذ نظرا لحاجاته ومتطلباته التشغيلية وحركة المرور والخدمات ... الخ.
وقال القاضي مشرق ناحي: هكذا مشروع استراتيجي لا طاقة للعراق على بنائه أو تشغيله، والأفضل أن يعطى بطريق الاستثمار لشركات دولية تحالفية.
وذكر الاستاذ ماجد الساعدي: سؤال سبق ان وجهته لوزير النقل السابق: لماذا لا يتم عرض ( ميناء الفاو ) للاستثمار ؟ تنفيذ + تشغيل + ادامة وفق مبدا ( الشراكة PPP ) باي من صيغها .
وفق الطريقة الحالية .. سنشهد جولات من الصراعات لكل مرحلة ( التنفيذ - التشغيل - الادامة - غيرها ) تعقد جولة تراخيص عالمية .. تدعى اليها الشركات الرصينة كافة في هذا المجال .. و بذلك لا تتحمل خزينة الدولة اي مبلغ .. و نضمن رصانة الميناء و حسن تشغيله و ادامته .. لكي لا نكرر قصة بسماية .. استثمار باطنه مقاولة من اموال الشعب ..
وهذا ما هو معمول به في كل العالم لا يمكن فصل البناء عن التشغيل والصيانة كل دول العالم النامي والمتطور تستعمل مسار الاستثمار في الموانئ والمطارات الا العراق.
القاضي مشرق ناحي: في النهاية سيكون حاله حال الفنادق التي تم إنفاق ملايين الدولارات لترميمها وبعد ذلك تم تسليمها للاستثمار، لدينا عقول جبّارة في سوء الإدارة والتخطيط وليس في البناء.
الاستاذ ماجد الساعدي: لا افهم لماذا هذا الاصرار على الفشل واضاعة الوقت والاموال والجهد في مشاريع ممكن تنفيذها بالاستثمار بكل سهولة وشفافية كما هو معمول به في كل دول العالم.
جربنا الاستمرار بالفكر الاشتراكي الاقتصادي الشمولي منذ 2003 ولغاية الان واثبت فشله، الدولة لا يمكن ان تدير جميع ملفات الخدمات من صحة ونقل وتعليم وكهرباء ونقل واسكان وبلديات وخصوصا مع العجز الكبير في الميزانية وملايين الموظفين القطاع الخاص والاستثمار هو الحل ونحن في الخارج جربناه واستثمرنا به ونجحنا واستفادت حكومات وشعوب الدول التي نتواجد فيها من ايرادات وتحسن الخدمات وارتياح الجمهور ما هو السر في اعادة تطبيق تجارب فاشلة ونتوقع ان تنجح الان ؟
كالعادة نحن نفهم في كل شيء ونفشل في كل شيء.
الاستاذ قيصر النوري في عام 2016 وصفت ميناء الفاو بأنه حلم الاجيال وكذلك اقترحت ان تكون الفاو مدينة اقتصادية وتدار من خلال هيأة تضم شركات قطاعية نفطية متعددة بمعنى هيكلية نظام اداري لدولة مصغرة بعيدة عن سطوة اقتصاديات الاحزاب ونترك لهم العراق كله ليسلبوه ونعيش من هذه المدينة.
الاستاذ عقيل جبر علي ان الترويج لمصطلح المشروع "الاستراتيجي الاقتصادي الدولي " بدلاً من المصطلح التقليدي الحالي سيحقق اهداف ومبتغيات اقتصادية وتنموية واستثمارية وعلاقات دولية ويفتح الطريق لجذب الاستثمارات الاجنبية والمنح الدولية وكالاتي :
١- سيكسب العراق فرص الدخول في اتفاقات استراتيجية واقتصادية وتنموية دولية ومنح مالية دولية متعددة.
٢- تربط مصالح دول دولية بالعراق لان هناك تكتلات عالمية وبرامج عمل دولية تنموية وهيآت ومراكز اقتصادية دولية مما يتيح ربط العراق بالمنظومة الدولية والعالمية واعادة رسم الخارطة العالمية وخارطة امدادات النقل العالمية والدولية .
٣- ضرورة ابراز المخططين والخبراء الاستراتيجيين والاقتصاديين والمسؤولين في وزارة النقل والمختصين والخبراء في النقل والامدادات واللوجستيات لهذا المنظور والمفهوم وابراز. الدور الاستراتيجي الدولي بشكل حضاري واقتصادي واستراتيجي دولي لما يحقق نتائج ويولد فوائد كثيرة للعراق ويزيد من مكانة وجذب الاستثمارات الاجنبية لربط مصالح العالم بالميناء.
٤- امكانية تعميق وتنضيج هذا الدور واشاعة هذه العلامة التجارية والاسم التجاري الاقتصادي الدولي لميناء الفاو الاستراتيجي والاقتصادية الدولي عن طريق دور الشخصيات الدبلوماسية والملحقيات الثقافية والتجارية والملحقيات الاخرى ورجال الاعمال والقطاع الخاص الذي يقع عليه دور كبير في هذا المجال لهذا المفهوم لإعادة موقع وحجم تأثير هذا الميناء دولياً وعالمياً وعده مركز استقطاب للاستثمارات الدولية ...
الاستنتاجات:
1. بناء ميناء الفاو الكبير بحد ذاته لا يسهم في تطوير الاقتصاد وتحقيق الغاية المرجوة مالم يعزز ذلك بإدارة دولية محترفة قادرة على تحقيق الأهداف.
2. ملاحظة التوازنات الدولية واخذها بعين الاعتبار عند المضي في المشاريع ذات البعد الاستراتيجي ومنها ميناء الفاو الكبير، كون تلك التوازنات لها تأثير مباشر على تلك المشاريع لأنه مشروع مخصص لتلبية احتياجات دولية فضلا عن المحلية.
3. زج الخلافات السياسية في النقاشات حول المشاريع الاستراتيجية يؤدي الى ضبابية الرؤية وغياب رأي المختصين القادرين على شرح الأمور وتوضيحها للجميع، وهذا امر سلبي لا يؤدي الى خدمة تلك المشاريع.
4. أهمية تبني رؤية جديدة في إدارة المشاريع الاستراتيجية، فعدم تحقيق الربح والخسارة تبدو ملازمة للمشاريع ذات الإدارة العامة، وهنا تبرز أهمية مسايرة دول العالم في الاعتماد على الاستثمار في مشاريع النقل الاستراتيجية.