ردا على التصريح المفبرك الذي تناولته وسائل الاعلام وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي المنسوب لرئيس الجمهورية مفاده ان العراق مستعد لتوقيع اتفاق سلام مع اسرائيل بالتنسيق مع الفلسطينيين.
فقد اكد الناطق باسم رئاسة الجمهورية في بيان له، " ان ما يتم تداوله في وسائل إعلام وصفحات في مواقع التواصل الاجتماعي غير صحيح بالمطلق و ان التصريح مفبرك، ندعو وسائل الاعلام والمدونين لتوخي الدقة والمصداقية واخذ المعلومات من مصدرها الرسمي، والا فان تداول هذه الاخبار بلا تدقيق تهدف الاساءة و اثارة الفوضى، ولغايات مريبة.
وفي هذا السِياق؛ أبدى السادَّة أعضاء مركز الرافدين للحِوار R.C.D رؤيتهم، من خِلال النِقاش الذي دَار بينهم حول ذلك الموضوع، وقد كان من ضِمن المُتحاورين كُل مِن السادَّة:

1. الاستاذ مزاحم التميمي| عضو مجلس النواب العراقي
2. الاستاذ ماجد الساعدي| رئيس مجلس الاعمال العراقي في الاردن
3. الاستاذ محمود التميمي| رئيس مجلس الخدمة الاتحادي
4. الاستاذ باسم العوادي | كاتب وصحفي
5. الاستاذ علي المدن| باحث و مؤلف
6. الشيخ محمد الكرباسي| رئيس مركز النجف الاشرف للتأليف والتوثيق والنشر
7. الاستاذ زيد النجار| استاذ اكاديمي

 

وتضمَّن الحِوار الذي دارَ بينهُم ما يأتي: -

المداخلة الاولى للاستاذ باسم العوادي: من ناحية التحليل السياسي (وعلى فرض صدور التصريح) لا يوجد في النص ما يستدعي الضجة فما يفهم تحليلا ان الرئيس صالح يقول لا علاقة بين العراق واسرائيل الا في حالة حل القضية الفلسطينية بالتفاهم والتنسيق والوصول الى حل نهائي بين اسرائيل والفلسطينيين (وهذا عموم اجماع الدول العربية في قرارات الجامعة العربية) التي يعترف ووقع عليها العراق.

وبما ان الحل هذا غير موجود او مطروح حاليًا فلا علاقة بين العراق واسرائيل ضمنا ومفهوما من نسق النص.

 

بعدها مداخلة الاستاذ مزاحم التميمي بيّن فيها: مع أي فلسطينيين؟ السلطة الفلسطينية تعترف بإسرائيل وكذلك منظمة التحرير، يبقى حماس وما شابهها من منظمات وهم يطلقون على أنفسهم بالمقاومة الاسلامية. أما إذا كنا نقصد الشعب الفلسطيني فهو في الغالب ضد التطبيع. ولكن العلاقة بين العراق و(اسرائيل) لها تاريخ مختلف لا يتوقف على رأي الفلسطينيين.

 

وقال الاستاذ باسم العوادي: ان التفريق واقعي، ولكن هناك واقع اخر رسمي يتعلق بالمنظومة العربية من خلال جامعة الدول العربية والعراق عضوا فيها، وهو موقع على كل قراراتها والجامعة العربية تتعامل مع فلسطين كسلطة ودولة رسمية لها قرارها السيادي ولديهم سفير في العراق على هذا ، ومن ثم لا يمكن للعراق ان يتعامل بصورة تفكيكية لواقع دولة فلسطين خارج إطار رؤية الجامعة العربية.

والخطورة في هذا التفكيك الذي ذكرتموه هو لو ان دولة عربية تعاملت معنا بالصورة نفسها ما ذكرت وقالت هناك فدرالية كردية وهناك واقع سني وهناك شيعة اصناف وعليه يجب ان يكون لنا موقف لكل واحد فهل سيكون الامر مقبولا كما نريد ان نتعامل مع الواقع الفلسطيني .

وعليه مثلما نريد من العرب ان يتعاملوا معنا كدولة ذات سيادة وحكومة ضمن اطار الجامعة العربية لابد ان نتعامل مع كل دولة على اساس واقعها السيادي المعترف به عربيا والفلسطينيين امامنا تقودهم دولتهم المعترف بها لا الجماعات هنا وهناك.

 

فيما اكد الاستاذ مزاحم التميمي: بان يكون لنا معيار خاص بأوضاعنا، ما الداعي في أن نتبع الدول العربية في جميع خطواتها؟.

 وهل لزاما علينا أن نطبع مع اسرائيل ؟ وهل إن الحياة لا تستقيم دون ذلك؟ هل هناك سيف مسلط على رقابنا في هذا الشأن؟ لماذا نقدم التطبيع وكأنه حل لجميع مشاكلنا فيما سيكون سببا آخر في قلقلة أوضاعنا؟ نعم نحن مع الفلسطينيين واذا ابتعدنا (ولن نبتعد) عن جعل قضية فلسطين قضية تاريخ وقومية وغير ذلك ولو افترضنا أن الفلسطينيين جميعا اتفقوا على التطبيع فهل يصبح لزاما علينا اتباعهم. بيننا وبين اسرائيل ما لا يمكن اصلاحه بقرار سياسي.

 

وقال الاستاذ ماجد الساعدي: ان موضوع الدولة الفلسطينية المطلوب اقرارها واستقلالها والاعتراف بها دوليا ليس له علاقة بالتطبيع.

هل ممكن ان تتصور ان الفلسطينيين سيقبلون بحدود دولتهم الجديدة مقابل الاعتراف بدولة اسرائيل وما يرافق ذلك من اعتراف الامم المتحدة والجامعة العربية وكل دول العالم بما فيها كل الدول العربية بالدولتين.  ماذا سيكون موقف العراق؟

وهل من الممكن ان يقف العراق بوجه العالم اجمع ولا يعترف بالدولتين ؟

انت ونحن نعرف جيدا ماذا يعني ان نتحدى العالم اجمع بكل انعكاسات هذا القرار اقتصاديا وسياسيا على وضع بلدنا المهتك اصلا من ثقل الماضي والحاضر .

اتمنى ان نكون واقعيين ونتعامل مع هذه القضايا من المصلحة العراقية اولا والاقليمية والدولية.

 

ويقول الاستاذ باسم العوادي: الحوار ليس في جدلية التطبيع مع اسرائيل وهذا مرفوض وطنيا ووجدانيًا وقلنا مسبقا ان لا ارضية لذلك حتى فلسطينيا..

الحوار الاخير في جدلية التعامل مع الدول السيادية ومنها فلسطين وعلينا ان نشعر ذاتيا اننا دولة اولا ونتعامل مع الاخرين على كونهم دول ذات سيادة وصاحبة قرار ومسؤولة عن نفسها وان لا نسلط انفسنا كأوصياء على الاخرين هنا كان الاساس في نقاشي معكم.

 

وقال الاستاذ محمود التميمي: طرح نظرية التفكيك (قياس مع الفارق) وان أمكن تزويدنا بقرار الجامعة العربية الذي نص ان تصالحت فلسطين مع اسرائيل يتصالح كل العرب معهم والموقع من حكومة العراق لطفا.

 

واوضح الاستاذ ماجد الساعدي: ان القرار الذي تعنيه موجود في المبادرة العربية للسلام التي وافق عليها جميع العرب وهي الاعتراف بالكيان الصهيوني مقابل دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية هذا ما يطالب به العرب وأوربا وامريكا ايضا الان.

 

الاستاذ محمود التميمي: هنيأ للعروبة وماذا عن اسرائيل اقبلت توسل العالم ام ان جرحها أكبر من ان ترضى بهذا القليل علما أن هذا لا يعني ان يصالح العراق هذا الكيان المسخ.

 

ويقول الاستاذ علي المدن: ان تصريح رئيس الجمهورية بتعليق الموقف العراقي من التطبيع على تنسيق الفلسطينيين مع الإسرائيليين فيه دعم كبير للفلسطينيين، واحترام لهم بوصفهم أصحاب القرار الأول في القضية.

 

وقال الشيخ محمد الكرباسي: ان القضية الفلسطينية ليست قضية أهل فلسطين بل قضية إسلامية ليست القيادات الفلسطينية من تقرر بل المنظومة الإسلامية بالكامل لها القرار.

 

وبين الاستاذ محمود التميمي في مداخلته قائلا: لا أظن ثم تلازم بين الموقفين فأثبات الشيء لا ينفي ما سواه والعدو (الصهيوني) هو عدو لنا ليس لان الفلسطينيين هم اعداؤه انما لأنه عدو ثابت تاريخيا وحاضرا بالنسبة للعراق.

وعن ضياع حقوق الفلسطينيين في قضيتهم بين الاستاذ علي المدن بانه يعود إلى تدخلات الأخرين!! سياسات الدول والإعلام والتيارات الفكرية المتصارعة هي التي مزقتهم وفرقت كلمتهم. فلسطين للفلسطينيين وهم وحدهم أصحاب القرار الشرعي.

وقال أن الموضوع متروك لتقديرات الخبراء الوطنيين المختصين بالأمن والاقتصاد.. بمعزل عن المصادرات الدينية والتاريخية.

 

وقال الشيخ محمد الكرباسي: هل مكة للسعودية، في الإسلام لا يوجد حدود إنما المصالح الإسلامية تتخطى الحدود، وهذا واضح بالنسبة للايديولوجية الشيعية، الفتوى من النجف لها تأثير في ايران وفي الهند والفتاوى في ايران لها تأثير في العراق وسوريا ولبنان، فالأراضي الإسلامية لا تتحكم بها السلطات إنما من له إمام الأمر الفقيه ومرجع التقليد.

 

فيما اوضح الاستاذ محمود التميمي قائلا: ان عداوة اسرائيل مفترضة بلا اعتبارات دينية ولا تأريخية، بالنسبة لنا بتجرد عن اي اسقاط ديني و تأريخي  افترضت ذلك معك لكن ما انت فاعل لهم حين اتخذوك عدوا لهم ابتداءً لاعتبار تاريخي و ديني عقائدي صهيوني خالص.

 

وقال الاستاذ محمود التميمي: فرغنا من ذلك والنفي اجراء صحيح وبوقت مناسب وطويت صفحة التصريح لكن النقاش الان على اصل الموضوع بمعزل عن التصريح المفبرك.

 

وقال الاستاذ علي المدن: ان المصالح تقررها الإرادة الحرة للشعوب. ومثلها أيضا الإمتثال للفتاوى. فلا إلزام بل ولا شرعية لأي فقيه خارج اعتراف الناس به.

 

 

وفي مداخلة له طرح الاستاذ زيد النجار سؤالين.. الاول: من قال أنه لا يوجد حدود [بين الدول] في الإسلام؟! هل هذا موجود في مصادر الشريعة الإسلامية، أم في فتاوى علماء الإسلام؟ والسؤال الآخر: هل المشكلة مع الكيان الصهيوني في اضطهاد الفلسطينيين واغتصاب أرضهم والتجاوز على مقدسات المسلمين؟ وهل هدفنا إيجاد حل لهذه الجرائم؟ أم ما هو هدفنا؟ أم ليس لدينا أهداف؟!

 

الشيخ محمد الكرباسي: الكلام بالنسبة للحدود، إذا المقصود اسماء البلدان فالأسماء موجودة، الكلام هل لكل منطقة أو إقليم أو بلاد حاكم مستقل ام لا؟ بحسب النظرية الإسلامية أن هناك حاكم واحد عند أهل السنة الخليفة،  وعند مذهبنا هو النبي وبعد ذلك الإمام والإمام والنبي حاكم دنيوي وأخروي لكل مسلم وكل أرض إسلامية، وهل تعتقد أن الإمام لمنطقة دون منطقة وبما انه الفقيه نائب الإمام سواء قلنا بالولاية الفقهية ام لا فهو نائب الإمام فيأخذ صلاحياته بالتمام.

 

الاستنتاجات:

1-الحديث عن التطبيع العراقي مع إسرائيل يبدو غير واقعي في هذه المرحلة اذ انه لا يجد صدى له في الأوساط الرسمية ولا النخبوية.

2-الموقف العراقي تجاه إسرائيل معقد ومحكوم بأبعاد دينية وتاريخية وسياسية متعددة ولا يمكن ان يختزل في إطار موافقة الفلسطينيين او اتفاقهم مع إسرائيل.

3- لا توجد جدوى سياسة او اقتصادية للتطبيع مع إسرائيل بل ان الذهاب الى مثل تلك الخطوة قد يؤدي الى زيادة المشاكل الداخلية في العراق وإظهار مشاكل أخرى البلد في غنى عنها.

4-لا يحتاج العراق في ظروفه الحالية تجزئة التعامل مع الشعب الفلسطيني كفصائل متعددة بل لابد من التعامل مع الشعب الفلسطيني ضمن الأطر الرسمية.

قراءة / تحميل