في نقطة حِوار بين أعضاء مركز الرافدين للحوار-RCD
مع بدء مرحلة جديدة سيشهدها البلد في العاشر من تشرين الاول المقبل موعد اجراء الانتخابات، والنقطة المهمة التي فرضتها سياسات الحكومات المتعاقبة بان نتعلم من الدروس السابقة، كيف يمكن ان يكون التنافس بين القوى السياسية وماهي التنازلات التي تقدم من اجل مصلحة البلد.
لابد ان تنتهي الخلافات والصراع السياسي على السلطة وانقاذ العراق مما وصل اليه سواء من (حالات الفساد او الافلاس التام، او الاقتتال الطائفي، او غيرها من الازمات التي مرت على البلد).
وفي هذا السِياق؛ أبدى السادَّة أعضاء مركز الرافدين للحِوار R.C.D رؤيتهم، من خِلال النِقاش الذي دَار بينهم حول ذلك الموضوع، وقد كان من ضِمن المُتحاورين كُل مِن السادَّة:
1. الدكتور علي داود العطار| مستشار رئيس الوزراء
2. الدكتور حكيم خسرو| وزير في حكومة اقليم كردستان العراق
3. السيد زيد الطالقاني| رئيس مجلس ادارة مركز الرافدين للحوار RCD
4. الدكتور جابر الجابري| مستشار رئيس مجلس النواب
5. الاستاذ جمال الاسدي| مستشار وزارة التجارة
6. الدكتور احمد الميالي| استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد

وتضمَّن الحِوار الذي دارَ بينهُم ما يأتي: -

مداخلة السيد زيد الطالقاني: نتمنى في الدورة القادمة ان يقاد البلد من محورين احدهم يشكل الحكومة رسمياً والاخر يكون معارضة رسمياً ويدخل البلد بتحالفين (طولي) وحقيقة تذكر ان السيد عمار الحكيم هو اول من نظر ودعا للموضوع وسخر كل امكانيات حزبه لهذا الموضوع. 

واهم عقبتين امام هذه الفكرة اولاً ان لا يقدم الكرد الى بغداد متحالفين كردياً في الحكومة ويفشل المشروع، وثانياً ان يستوعب جناح المعارضة انه سيكون خارج الحكومة ودوره برلماني رقابي وفريق الحكومة يتبنى رسمياً الحكومة ويتحمل اخطائها ويدافع عن منهاجها.

 

"دولة المؤسسات"

 المداخلة الثانية للدكتور جابر الجابري اكد فيها بوجوب تكوين محورين الاول يحكم والاخر يعارض وهو حلم كل من يريد ان يبني دولة المؤسسات، ولكن للاسف هذا صعب تحقيقه في بلدنا لان كل الحكومات تتشكل على أساس طائفي وقومي ولا يوجد احد مستعد للتنازل عن المكاسب التي يحققها له نظام المحاصصة لكن من الممكن ان نحلم بنظام ديمقراطي مؤسساتي فقط نحلم لا غير.

 

كما اكد الاستاذ جمال الاسدي بان مصلحة البلاد بوحدة الصف لا بتفرقها، وان تتوحد الرؤية الكردية وكذلك العربية لبناء البلد .

واضاف الاسدي ان توحدت الرؤية عند القوى الشيعية وهي صعبة مع تعاظم الطموحات الجزئية لهذه القوى ، ستتوحد بعدها الرؤى في كل البلد .

ويرى الاسدي ان القوى الشيعية المتمثلة في سائرون والفتح وفق المنطق العقلي ستأخذ اكثر من 75‎%‎ من التمثيل النيابي للمحافظات التي تمثلها في 57 دائرة .

باعتقادي ان المشتركات الموجودة بين الفتح وسائرون كثيرة جداً والاختلافات موجودة لكنها ضمن السياق الطبيعي ، ان حققوا التحالف فهذا شيء ايجابي لاستقرار الوضع السياسي للأربع سنوات القادمة، وان لم يستطيعوا التحالف فليدعم احدهما الاخر بمعارضته البرلمانية البناءة وليست الهدامة أو المعرقلة .

القوى الكردية بشقيها الرئيسيين ستتوحد وتنطلق الى بغداد برغم كل الحساسيات بينهم اليوم ، لان مصلحة شعب كردستان بوحدتهم وهم يدركون ذلك جيداً ، وكل ما عداه مناورات كسب وضغط لتبادل بعض المكتسبات في الحكومة الاتحادية على مستوى الرئاسات ، لان مقاعد هذه القوى لن تتجاوز 60 مقعداً ، ان تفرقت ضعفت وان توحدت اصبحت ركيزة اساسية في بناء الحكومة القادمة .

القوى السنية الان بشقيها ستترقب من سيقود القاطرة القادمة وستذهب باتجاه من يسير بالقاطرة ، خلافاتها ضعف كبير للمكون السني بل قد يكون المكون في اضعف احواله نسبة للسنين السابقة ، وحدة رأيه وليس التوحد بالضرورة سيعطيه زخماً كبيراً لان يكون جزء اساسي لبناء الحكومة المقبلة بدلاً ان يكون ركن مكمل .

 

وردا على ما طرحه الاستاذ جمال الاسدي قال السيد زيد الطالقاني: رؤيتكم هذه محترمة وان كنت اختلف معها، وتمثل وجهة نظر، ولكن اقول لكم بضرس قاطع (سائرون - الفتح) سيحصلون على ‎55‎%‎ مجتمعين من مقاعد الشيعة والبالغة 176 تقريباً وذلك في احسن احوالهم وفي أسوأ احوالهم سيحصلون على 40‎%‎ من مقاعد الشيعة.

 

"قراءات"

كما طرح الاستاذ جمال الاسدي عدة قراءات منها ان القوى الشيعية ستتنافس على 160 مقعداً تقريباً ولن تصل الى 175 مقعد كما في البرلمان القادم.

ورؤية اخرى تتوقع ان يحصل تحالف الحكمة النصر او قوى الدولة بانه سيحصل على 40 مقعد وان حصل على ذلك فانه بالتأكيد سيكون بيضة القبان للترجيح بين الفتح وسائرون كمحور رئيس لبناء اسس الحكومة القادمة .

 

وقال الدكتور علي داود العطار ما الضير ان يتنافس الحزب الكردي او الشيعي او السني مع منافسه ذي الخصوصية، وهو ضدّه النوعي في منطقته وذلك من خلال المشاركة في تحالف متنوع، وكذلك حُسن خدمة منطقته ومجتمعه سواء بهدف التفوق على منافسه او بهدف اداء الواجب.

بالطبع يتطلب الدخول في هذا التحالف مع الغير النوعي لغرض تشكيل التحالف، الاتفاق على اساسيات الخدمة المتوقعة.

 

اجابه الاستاذ جمال الاسدي بالتأكيد لا يوجد اي ضير في ذلك، وعلى العموم ان نظرية الضد النوعي هي نظرية هدامة اكثر مما هي بناءة، فقد استخدمها صدام في استبداده ضد ابناء الشعب العراقي ومنهم القوى الكردية، وصنع ما يسمى بالفرسان وسيطروا على الارض والجبال سنين طويلة واقصوا المجاهدين الابطال من الكرد وساهموا بان يكونوا دليلاً للقتلة لتهجيرهم وقتلهم، وكذلك استخدم الضد النوعي في القوى الشيعية وتم صنع رجال دين شيعة بهيئة معممين سادة وشيوخ لتحطيم متبنيات العقل الشيعي وربطه في مرجعية النجف .

الضد النوعي استخدمه صدام عندما كان يسمي الصواريخ "بالعباس والحسين" ويطلقها لتضرب مرقديهما الشريفين.

الضد النوعي في العراق بتنوعه الجغرافي والقومي والديني معناه الدمار والقتل .

لذلك تجربة الضد النوعي في العراق تم تجريبها منذ اكثر من نصف قرن بالعراق ولا حاجة لإعادة تجريبها مرة ثانية الا اذا كنا نريد اعادة نفس النتائج السابقة .

وعند استقرار وضعنا وبناءتنا في البلد فبذلك الوقت لتكن اي نظرية سواء الضد النوعي او غيرها لتأسيس قوى سياسية غير مبنية على عقد قومية او دينية او طائفية .

 

وبين الدكتور علي داود العطار لقد استخدمتُ مصطلح الضد النوعي كجزء من الفعالية السياسية لكل حزب في التنافس مع الآخر بهدف التفوق والمكسب السياسي للاحزاب بما هي احزاب وبالمفهوم العام. وهو ضمن ماهية النشاط السياسي.

بالطبع الاستخدام القمعي في التنافس بهذه التحالفات وكذلك ممكن حصوله حتى في تشكيل التحالفات ذات الخصوصيات المكوناتية ضد الآخر.

 

ومن بديهيات التحالفات بيّن الدكتور حكيم خسرو ما يلي:- 

1- ان يكون كل طرف هو مرجع فيما يتعلق بقراراته و دوره في التحالف وليس لمكون كامل 

2- الالتزام بالاتفاقيات شرط اساس لاستمرار التحالفات واساس الاستقرار في الانظمة السياسية الديمقراطية. 

3- تماسك الكتل النيابية شرط اساس في استمرار اللعبة الديمقراطية وفق القواعد المتفق عليها .

4- نواب اغلب الاحزاب الاخرى الكردية والعربية يوميا يركبون في باص سياسي جديد  بحسب الميول و الاهتمامات الشخصية وهذه الحالة ليست جريمة في المعايير الديمقراطية، ولكنها تؤثر على استقرار العملية السياسية والسبب هو في ضعف قيادات اغلب الاحزاب العراقية. 

5- كان في مقولة (تحالف الاقوياء) كإشارة الى الكتل الكبيرة ولكن ظهر ان الكتل والاحزاب العراقية غير متماسكة. 

6- عامل الاستقرار هو في تحالف الكتل المتماسكة حكومات الكتل الهلامية تبقى وحيدة في مواجهة التحديات ولا تستطيع الاستمرار

 

فيما ناقش الدكتور احمد الميالي حول مداخلة الدكتور حكيم خسرو السابقة، اذ بين الدكتور الميالي رأيه فقد قال ان النقطة(الثالثة) غير دقيقة، العكس هو الصحيح في الانظمة التعددية: يجب انتشار القوة بين الجماعات المختلفة وهذا الانتشار اهم عناصر الديمقراطية، لأنه يضمن التوصل الى حلول للمسائل العامة ويجعل العملية السياسية مستمرة للتفاعل والتفاوض وتكوين اشكال عديدة من التحالفات والائتلافات ..

وتتصف هذه الائتلافات بين الجماعات بطابع التغيير وعدم الاستقرار ليس فقط نتيجة تغيير مصالح تلك الجماعات او تغير هذه الجماعات اساسا وانما لان الافراد في المجتمعات التعددية عادة ما يحددون مصالحهم في اكثر من جماعة...

 

واوضح الدكتور حكيم خسرو ان التماسك بمعنى تماسك الكتلة النيابية خلال الدورة الانتخابية، لان لكل دورة انتخابية كتلة واحدة او كتل متحالفة تحدد الاغلبية والاقلية المساندة و المعارضة للحكومة والتي تحدد استقرار الحكومة، وليس لهذا الامر علاقة بالتعددية التي تتحدث عنها جنابك

 

وقال الدكتور احمد الميالي بالعكس له علاقة ويشمل الكل : كتل احزاب جماعات مصالح.. يجب ان تتنوع وتتغير وفقا لاختلاف المصالح ... هذا الانتشار والتعدد "وركوب الباص" كما اسميته يرسخ التنافس ويمنع الحزب او الكتلة او الجماعة.. من احتكار السلطة وصنع واتخاذ القرار .. وذلك يكون عبر وضع كل جهة او كتلة في مركز للقوة ازاء الاخر ، ومن ثم ترويض القوة السياسية  وضبطها.. بشكل متوازن.  

إن افضل الانظمة الديمقراطية هي التنافسية القادرة على تحقيق التوازن بين المصالح المتصارعة للتوصل الى اتفاق وليس توسيع وتمتين تحالف يلجأ حتما للحلول المركزية المناقضة للديمقراطية

 

كما بين الدكتور حكيم خسرو: ان هذا الامر غير موجود في الديمقراطيات الراسخة، بل للاحزاب نائب و زعيم يدعى (حامل السوط) لتحديد مسار النواب و مواقفهم و ضرورة التطابق مع توجهات الحزب ، طبعا خلال الدورة النيابية الواحدة. 

اما اذا كنت تفترض ان النموذج العراقي والكردستاني هو النموذج الصحيح وهو اكثر ديمقراطية من النموذج الغربي و يؤدي الى نظام اكثر استقرارا و رصانة فهذا أمر آخر.

 

التوصيات:

1- ان التركيز على "دولة المؤسسات" في المرحلة القادمة بات ضرورة ملحة اكثر من السابق في اعادة بناء الدولة وادخال الاصلاحات كافة.

2- يجب تكوين المحاور (حاكم ومعارض) ان تكون مبنية على نظام ديمقراطي مؤسساتي.

3- من اجل مصلحة البلد لابد من توحيد الرؤى من خلال القادة السياسيين التنازلات وعدم التفكير بالمكاسب التي يحصل عليها  عن طريق المحاصصة.

4- الابتعاد عن الميول الشخصية وضرورة التماسك والمنافسة الصحيحة من اجل استقرار العملية السياسية.

 

قراءة / تحميل