أقام مركز الرافدين للحوار R.C.D ندوة حوارية على المنصة الالكترونية ZOOM تحت عنوان: "أزمة المياه في المنطقة: احتمالات التفاقم وآفاق التعاون" يوم السبت الموافق 31 تموز/ يوليو 2021، استضاف فيها نخبة من المتخصصين في الشأن المائي على المستوى الأكاديمي والمهني من داخل العراق وخارجه. وأدارها رئيس هيأة المستشارين في المركز أ.د. أحمد سامي المعموري. وتم التطرق خلال الندوة الى ملف المياه في العراق والمنطقة، والفواعل المحلية والإقليمية في هذا الملف، وأبرز التداعيات التي يمكن ان تترتب على النقص في الحصص المائية لا سيما لدى دول المصب. كما تم الخوض في المسارات المستقبلية للدول المتشاطئة وكيفية التعامل مع بعضها البعض لحل هذه الأزمة التي تعصف بالمنطقة.
وفي أدناه أهم المواضيع التي طُرحت في الندوة وأبرز ما توصلت اليها:
1. أزمة المياه في المنطقة: الرابحون والخاسرون.
د. بنفشه كي نوش / خبيرة في الشؤون الإيرانية والعلاقات الدولية.
2. أزمة المياه في المنطقة: من وجهة نظر دول الجوار المائي.
الأستاذ محمود رضا أمين / عضو مجلس النواب العراقي السابق.
3. أزمة المياه في المنطقة: من وجهة نظر عراقية.
الأستاذ حاتم حميد التميمي / مدير عام المركز الوطني لإدارة المواد المائية.
4. أزمة المياه في المنطقة: من وجهة نظر فنية.
الأستاذ علي راضي / المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية.

 

الاستنتاجات:

1.     ملف الأمن المائي لا يقل أهمية عن باقي الملفات المهمة في العراق، بل في أحايين كثيرة يتصدر هذا الملف كل الملفات لأنه يتعلق بحياة المواطن وقوتِه، لا سيما أن موقع العراق الجغرافي وما يترتب عليه من جعله بلد مصب، يجعل منه الأكثر تضرراً من أي مشاريع سدود او تحويل لمجاري الأنهار تُقام على الموارد المائية المشتركة مع دول المنبع والممر. يضاف الى ذلك أن هذا الملف جزء لا يتجزأ من ملف الأمن الإقليمي.

2.     ان الموارد المائية التي تأتي من خارج العراق تشكل نسبة 70%، أما تلك التي من داخله فلا تتجاوز 30% من داخل العراق، لكن الأخيرة عرضة للتغيرات المناخية وعوامل أخرى ولن تكفي لتغطية حاجات العراق المائية.  

3.     إن المشاريع المقامة على الأنهار المشتركة بين العراق ودول المنبع من قبل الأخيرة (إيران وتركيا) أصبحت واقعاً لا يمكن تجاهله وتشكل تهديداً حقيقياً وخطيراً على الحياة المائية في العراق.

4.     فيما يتعلق بسياسات إيران المائية إزاء العراق؛ فإن لدى إيران الكثير من المشاريع على الروافد المشتركة مع العراق تتوزع بين بناء السدود وبين تحويل مجاري المياه الى داخل ايران، وهذه المشاريع لها اضرار كبيرة، تتوسع باتساع مدياتها، ومن أبرز هذه المشاريع: مشروع حوض سيروان، وسد بيخاري لتحويل المياه الى أصفهان، فضلاً عن التلاعب بأحواض الأنهر المشتركة مع العراق من داخل ايران. كما أن هناك الكثير من الأنهار المشتركة مع إيران تضررت وقل تدفقها وبعضها انقطع نهائياً، بسبب المشاريع المقامة عليها من قبل الحكومة الإيرانية التي عملت على بناء أكثر من ألف سد تعمل جميعها على توفير المياه للسكان بصورة يومية بسعة خزن وصلت الى 543 مليار م3 ، واغلبية هذه السدود مقامة على الأنهر المشتركة بين العراق وإيران.

5.     قبل خمسة عشرة سنة كان الوارد المائي الآتي من الأراضي الإيرانية يقدر ب 24 مليار متر ملمياه دجلة سنوياً، لكن في الوقت الحالي وصل الى أقل من 5 مليار م3 ، والتقلص الحاصل في هذه الواردات من المياه في ازدياد. ومع استمرار المشاريع المقامة من قبل ايران ستصل حصة العراق من هذه الواردات الى الصفر تقريباً.

6.     يعد نهر الكارون من أبرز الروافد التي يتشارك بها العراق مع إيران، ويصب هذا النهر في القسم الجنوبي من شط العرب، ويشكل مصبّه علاجاً مهماً للسان الملحي وتغلغه في شط العرب، والذي تسبب تضخمه مشكلة عانى ويعاني منها سكان محافظة البصرة، إذ تسببت في أكثر من مناسبة في تسمم عدد غير قليل من سكنة هذه المحافظة.

7.     قلّت إيرادات نهر ديالى بنسبة 50% عن المعدل العام للسلسلة التاريخية لجريانه، إذ تم قطع مياه النهر بصورة كاملة مما قلل الخزين المائي لسد دربندخان وسد حمرين مما أضطر الجهات المعنية داخل العراق لضخ كميات كبيرة من المياه لتعويض النقص الحاصل لتلبية احتياجات محافظة ديالى المائية، على الأقل، في مياه الشرب وري البساتين وتم النجاح في ذلك.

8.     أبرز ما يميز سياسة تركيا المائية تجاه العراق هو إقامة السدود على مجاري نهري دجلة والفرات، وهو ما أثر في حصة العراق المائية، إذ تراجعت هذه الحصة الى نسب لا يمكن تجاهلها، وحدثت تداعيات أثرت بشكل أو بآخر في حياة المواطن العراقي، لا سيما في مناطق وسط وجنوب العراق وتضرر قطاع مهم ألا وهو قطاع الزراعة.

9.     هناك استراتيجية أُعدّت من قبل وزارة الموارد المائية عام 2014 وقدمت للحكومة العراقية، تعد خارطة طريق لكيفية التكيف مع النقص الحاصل في الواردات المائية الى العراق للمدة 2015 2035، وتقع على كل دائرة ذات صلة مسؤولية تنفيذها، وتتضمن هذه الاستراتيجية: استصلاح الأراضي، إدارة المياه الجوفية، إدارة وإنعاش الاهوار، خطة لإدارة الجفاف، إدارة البيئة، خطة لترشيد الاستهلاكات المائية، وغيرها.

10.  هناك عوائق كثيرة تقف بوجه تنفيذ الاستراتيجيات المائية في العراق، ويعد العائق المالي أبرزها، إذ كثيراً ما تكون قلة التخصيصات المالية للملف المائي في العراق عقبة في تنفيذ معظم المشاريع والاستراتيجيات التي توضع من قبل الجهات المعنية. إضافة الى التلكؤ بصرف الأموال المرصودة للمشاريع في هذا المجال، إذ لم تصل من الأموال المخصصة لإدارة الملف المائي وتنفيذ الخطط إلا 1% من الأموال التي ينبغي أن ترصد لهذا الملف.

11.  إن منظومة الإرواء في العراق هي منظومة قديمة، فضلاً عن أنها تعرضت الى نكبات كثيرة وكبيرة من خلال الحروب المستمرة، لا سيما العمليات العسكرية بعد 2014 وسيطرة تنظيم داعش على بعض مفاصل هذه المنظومة، مما جعلها تتأثر سلباً بشكل كبير. فضلا عن ان التخصيصات المالية التي رُصدت لإصلاح هذه المنظومة لم تكف لإحيائها من جديد.

12.  مع التسليم بخطورة المشاريع التي تعمل عليها كل من تركيا وايران على الأنهار المشتركة مع العراق بوصفهما دول المنبع، إلا أن خطوات السياسة الإيرانية تعدُّ الأخطر إذ لا تتضمن مشاريعها إقامة السدود فحسب، وإنما تحويل مجرى الأنهار المتدفقة نحو العراق الى أراضيها حصراً.

13.  عدم تطبيق الاتفاقيات الموجودة بشأن المياه الحدودية مع ايران مثل اتفاقية الجزائر 1975 قاد الى العشوائية في تنظيم العلاقات المائية مع هذه الدولة.

 

14.  ليس كل المياه التي تذهب الى البحر تعدُ هدراً؛ إذ أن بعضها يكون تدفقه الى البحيرات ضروري، وذلك للحد من تضخم اللسان الملحي وتقليل آثاره الضارة.

15.  في عام 1960 كانت حصة العراق المائية الآتية من دول المنبع 8000 متر3 في السنة. انخفضت هذه النسبة الى 6000 متر3 في عام 1980. أما في السنوات الأخيرة فقد انخفضت الى 1100 متر3. وبذا فنحن على مشارف ما يسمى بـ الفقر المائي (1000 متر3)، ويُتوقع ان تصل في عام 2025 الى 700 متر3.

 

التوصيات:

1.     الإشارة إلى مشروع مذكرة تفاهم التي عقدت مع تركيا 2009 وأعيد التداول بشأنها عام 2014 وصادق عليها البرلمان التركي والتي تقضي بإدارة الموارد المائية بين العراق وتركيا، إذ يمكن أن تساعد في تطوير وتنفيذ المشاريع وزيادة الحصة المائية وتقاسم الضرر بين البلدين، لذا يجب تعزيز هذه الاتفاقية وزيادة حصة العراق المائية للحصول على 600 م3 في الثانية، مع إعداد بعض الجوانب التقنية بين الجانبين السوري والعراقي. فضلاً عن متابعة اتفاقيات مرحلية تقضي بحصول العراق على 58% وتركيا 42% من الأنهار المشتركة بين العراق وتركيا.

2.     ضرورة معالجة النقص الحاصل في مياه نهر الكارون، لأنه يعدُّ حاجز الصد الأول في مواجهة تضخم اللسان الملحي في شط العرب. والجدير بالذكر أن النقص الحاصل في مياه هذا النهر المتدفقة الى العراق أدى الى ضخ كميات مياه من داخل العراق لتعويض النقص في مياه هذا النهر.

3.     ضرورة التعاون بين الجانبين العراقي والإيراني لحماية الموارد المائية وتحقيق السلام في المنطقة.

4.     تعد الزراعة أكبر مستهلك للمياه في العراق، لذا من الضروري تنفيذ المشاريع الخاصة في ترشيد الاستهلاك بالنسبة للزراعة من خلال استخدام التقنيات الحديثة، والقنوات المبطنة، ونقل المياه بالأنابيب، وهذه الأساليب يمكن أن تخفض 15 20% من الاستهلاك العادي التقليدي للإستفادة من هذه النسبة في استخدامات أخرى.

 

5.     تقليل التلوث عن طريق استخدام تقنيات حديثة في تصفية مياه المجاري وطرح المياه الصافية للنهر. ويجب ان تخصص لفرز المياه الملوثة مبالغ لا تقل عن 80 مليار دينار قبل ان تُرمى في النهر، حتى لا تتسبب قلة منسوب المياه في وقت الشحة بتسميم المواطنين.

6.     إن سوء الإدارة في الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم حالت دون اعتماد خطط مشتركة لمعالجة مشاكل المياه والتقليل من تأثير الدول المجاورة (تركيا وإيران) على العراق، لذا يتطلب تدارك ذلك بالتحرك السريع، وتخصيص الموارد وتعبئتها.

7.     تبادل المعلومات وتحديثها بشكل مستمر مع دول المنبع والممر مهم جداً، ورصد تحركات هذه الدول وكيفية استخدامها للتكنولوجيا الحديثة وتوظيفهم للخبرات، والاطلاع على وضعها المائي والاروائي.

8.     على الرغم من الجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية بملف المياه في العراق، إلا أننا ما زلنا بحاجة الى خطوات حثيثة وأكثر جدية للحفاظ على مواردنا المائية، وخير دليل على ذلك أن "الورقة البيضاء" التي طُرحت من قبل الحكومة الحالية لا يوجد فيها إلا إشارة بسيطة الى ملف الموارد المائية. مما يتطلب إجراءات سريعة وجدية في العمل لتقليل الضرر الحاصل من جراء المشاريع التي تقام من قبل دول المنبع. فضلاً عن ضرورة ان تُسلّط هذه الجهود على إعادة تأهيل ما تضرر مؤخراً جراء العمليات الإرهابية. لذا يجب ان يكون النقص الحاصل في الموارد المائية حافزاً للدولة للتحرك.

9.     تعدُّ المياه الجوفية الخزين الاستراتيجي للبلد، ويكون اللجوء إليها في أوقات الشحة فقط.

10.  المحافظة على نوعية المياه في أوقات الشحة وذلك يتطلّب:

أ‌.       إيصال كميات مياه الى البصرة وميسان وذي قار (الأهوار).

ب‌.    توفير المياه الى مناطق الذنائب.

ت‌.    عدم تلويث المياه، ورفع التجاوزات بالتنسيق مع الدوائر المختصة.

ث‌.    التوسع في إنشاء السدود الصغيرة داخل البلد لعدم هدر المياه.

 

11.  الاستراتيجية المائية يجب ان تكون مستقلة وقوية وقسم من هذه الاستراتيجية يعتمد على القرارات السياسية والقسم الآخر يعتمد على الاعتبارات البيئية. والاستقلال بهذه الجوانب مهم للعراق. ويجب ان يكون مؤثراً، ويُخضِع معاملاته مع الدول الأخرى الى المعاملة بالمثل: استراتيجية قوية على غرار ما تنتهجه الدول المجاورة (تركيا وايران).

12.  يجب دراسة الاستراتيجيات الإيرانية والتركية دراسة جيدة للاستعداد لها بشكل أفضل ومعرفة خياراتها وحقوقها. وعوامل فشلها والحد من تأثيرها السلبي على العراق.

13.  على الرغم من أهمية وضرورة اللجوء الى الوسائل السلمية في التعامل مع سياسات دول المنبع المائية المجحفة إزاء العراق، إلا أن المصلحة الوطنية تتطلب الاستعداد لأسوأ الاحتمالات، ويكون ذلك من خلال الجدية في ردع كل من يتجرأ على حصة العراق وبكل الوسائل بما فيها الوسائل الخشنة.

14.  ترشيد الاستهلاك من أفضل الوسائل للمحافظة على الموارد المائية، يضاف الى ذلك الأخذ بالتجارب الحديثة في الدول الأخرى مثل تجربة "استمطار المياه" عن طريق السُحب كما هو الحال في الامارات والصين.

15.  الاعتماد على النفس، ويكون ذلك من خلال وسائل وطنية خالصة مثل بناء مشاريع مشتركة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم وجعل الأخير خزان استراتيجي للمياه، ويُدار من قبل الحكومة الاتحادية او يكون تحت اشرافها.

 

16.  رسوم السقي مهمة جداً؛ يوجد قانون بهذا الخصوص وجرى التريث به، ويجري العمل على تكييفه وإعادة العمل به وبحسب المتطلبات العصرية والتغيرات التي تطرأ. 

 

قراءة / تحميل