يعد نقص المياه مشكلة تضاف إلى مشاكل العراق، بعد انسداد العملية السياسية لتشكل تلك همّاً آخر على كاهل المواطن العراقي وبخاصة الفلاحين منهم.
ونتيجة للعوامل الخارجية، وانشغال القوى السياسية في تأمين بقائها، أضف إلى ذلك انحباس الامطار كان له الاثر البالغ، وعدم توفير الحلول من قبل الحكومات المتعاقبة وخاصة انها لم تكن وليدة اللحظة.
استضاف مركز الرافدين للحوار RCD عددا من المسؤولين في الحكومة قبل سنوات مضت في ندواته والورش التي اقيمت في مؤتمراته حول الخطر المحدق من نقص المياه والتغير المناخي، وطرحت خلالها خطط لمعالجة تلك الظواهر.
ان الحديث عن ذلك الملف والتركيز عليه ما هو إلا دليل على اهميته الكبيرة، عسى ان نجد جدوى للخروج من تلك المشكلة. وفي هذا السِياق؛ أبدى السادَّة أعضاء مركز الرافدين للحِوار RCD رؤيتهم، من خِلال النِقاش الذي دَار بينهم حول ذلك الموضوع، وقد كان من ضِمن المُتحاورين كُل مِن السادَّة:

- الدكتور طورهان المفتي | وزير الدولة لشؤون المحافظات السابق
- الدكتور دياري صالح | تدريسي في كلية العلوم السياسية/ جامعة بغداد
- الاستاذ مصطفى سعدون| صحفي ومدير المرصد العراقي لحقوق الإنسان
- الدكتور فاضل الغراوي | عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان السابق
- ‏‪الاستاذ عادل شبر| خبير في مجال الطاقة‬
- اﻻستاذ فاروق الغزالي| قيادي في تيار الحكمة الوطني
- الاستاذ يوسف المحسن | صحفي واعلامي

 

 وتضمَّن الحِوار الذي دارَ بينهُم ما يأتي: -

 

 نتيجة لتعرض البلد إلى عواصف ترابية باستمرار تحدث الدكتور طورهان المفتي: حول مشروع الحزام الاخضر بانه احد الحلول، ولكننا نواجه شحة المياه وقبل هذا وذاك الدولة تفتقر إلى مبدأ الاستدامة، فقد سبق وجرت عدة مشاريع لانشاء احزمة خضراء في المحافظات ولكن بعد الانتهاء من المشروع كان يظهر مشكلة استلام المشروع وادامته لأنه يحتاج إلى موازنة تشغيلية لم يتم توفيرها.

 

وأضاف هناك حلول اخرى كثيرة، ولكن قبل ذلك لابد من معرفة حجم حبيبات العواصف فان كان رملية أو غبارية فهذا يعني قادمة من الصحراء وبصورة عامة هذه غير مؤذية لان حجم حبيباتها كبيرة بالتالي لا تلبث في الهواء الا فترة زمنية قصيرة جدا.

 

موضحا ان المشكلة في العواصف الترابية التي حجم حبيباتها بحجم حبيبات الطين صغيرة جدا وهذه الحبيبات تلبث في الهواء ما لا يقل عن اربع ساعات وصولا إلى حوالي 20 ساعة، ومضاد هذه العواصف ليست الصحراء وانما مناطق صالحة للزراعة تتحول إلى صحراء، هنا لابد من ايجاد حل وتطبيق عدة حلول في ان واحد.

 

 واكد الاستاذ مصطفى سعدون: بان آفة الفساد الموجودة لدينا لم تقتصر على الطبقة السياسية فحسب، بل أصبح شُبه "ثقافة" لدى نسبة ليست بالقليلة من المجتمع. اذ يبدأ الفساد من الإسراف بالمياه من قبل المواطن، وصولا لأعلى هرم في الدولة.

 

 واكد الدكتور طورهان المفتي: لسنوات نادينا وكتبنا مقالات حول السيطرة على مصادري الطاقة والمياه وقلنا أن العراق يمر بمرحلة صعبة متمثلة بالجفاف وتسيب للطاقة ولابد من السيطرة على كليهما بصورة فنية وعلمية.

 

وعلى سبيل المثال يمتلك العراق حوالي 39 مليون دونم مستصلح وجاهز للزراعة، وبالمقابل هناك مشاريع لاستصلاح الاراضي غير الصالحة وهدر المياه في هذه الأراضي، علما اننا لا نستخدم الا حوالي 15 مليون دونم من اصل 39 مليون دونم مستصلح فمن الممكن جدا العمل على هذه الاراضي المستصلحة وترك غير المستصلحة وعدم استصلاحها في الوقت الحالي، والمحافظة على المياه الجوفية والذي هو فعليا كنز العراق.

 

 وذكر الاستاذ مصطفى سعدون: ما كتبه الدكتور حسن الجنابي في حسابه لإحدى وسائل التواصل الاجتماعي حول كذبة التغير المناخي.

 

وقال ان المسؤولين يدفعون بذلك عنهم مسؤولية عدم اتخاذ القرارات الصحيحة في وقتها وهدر الأموال في مشاريع غير مجدية وخاسرة اقتصادياً، المستشارون الصامدون حتى النفس الأخير بهذا الدور والذين زاد ظهورهم الإعلامي على عشرين ألف مرة يكررون التهمة نفسها، دون ان يكتبوا جملة مفيدة واحدة، أو ينشروا ورقة أو مقالة أو بحثاً، أو ينجزوا تقريراً فنياً رصيناً، أو ينفذوا تجربة مختبرية أو حقلية واحدة، أو يقدموا "موديلاً رياضياً" واحداً يحاكي الواقع ويطوروا سيناريوهات التعاطي مع المشكلات القائمة.

 

ما ان يسمع أحدهم بجملة أو عبارة جديدة حتى ينطلق بها إلى آفاق غير مسبوقة من الترويج اللفظي؛ لأنه يعرف ان لا أحد يخضعه للحساب. أحدهم عندما كان "يستشيرني" متواضعاً قلت له مرةً ان المقاربة الدبلوماسية الصحيحة في الأحواض النهرية المشتركة هي "مقاربة تقاسم الضرر" في ظروف الشحة. منذ ذلك الحين ولحد اليوم سمعته هو وفريقه يرددونها مئات المرات، دون ان يتعب نفسه ولو قليلاً لتقدير حجم الضرر ومن المتسبب به، وكيف تقاسمه مع الشركاء، وكم هي حصص الأطراف في ذلك الضرر، وهل هذه الأضرار تدفع نقداً أو بالآجل؟

 

الرد الوحيد الذي أسمع به هو "بناء سدود". ثلاثة مليار دولار لسد مكحول، وثلاثة مليارات أخرى لبناء سد على شط العرب، وثلاثة مليارات دولار ثالثة لتصليح قناة البدعة..... وغيرها من المشاريع التي لن تنجز.

 

ما هي علاقة التغير المناخي بذلك؟ لا علاقة

 

جفاف بحيرة ساوة وجفاف الأهوار وانخفاض مناسيب السدود والأنهار وعواصف الغبار كلها لها علاقة بمشاريع انجزت للسيطرة على المياه في العراق وإيران وتركيا وسوريا، ولها علاقة مباشرة بإدارة منظومة السدود والسدات وتشغيلها. تأثير التغير المناخي على ما نشهده اليوم أقل من القليل وفق الدراسات الرصينة.

 

ملاحظة: التغير المناخي ليس كذبة ولكن الإتكاء عليه في ظروفنا الحالية في العراق يدخل في باب الكذب مع سبق الإصرار.

 

 فيما اوضح الدكتور دياري صالح: المشكلات البيئية التي ستحصل بعد عقدين في العراق لاسيما في مناطق الجنوب، حيث ستجف انهار دجلة والفرات وتغيب تماما عن جغرافية هذا الجزء من البلاد. حينها سيكون الوطن شارف على لفظ آخر انفاسها اقتصاديا وبيئيا. ان بقي نفط فلن يكون مرتكزا لاقتصاد يغطي تفاصيل الزيادة السكانية المالثوسية. وحينها سنقرأ الفاتحة على الزراعة. افعال اليوم وقرارته هي وحدها التي يمكن أن توقف سرعة سيرنا الجنونية تجاه هذا السيناريو. الحتميات البيئية انتجت من حولنا تحولات ثقافية وسياسية مهمة. تحالف المناخ، المياه، الغذاء مع يرافقه من سياسات لتدمير واهمال البيئة سيكون مزلزلا للشعوب غير المستعدة للتعاطي معه. لازلت أتذكر مقولة مهمة في هذا السياق تدفعنا جميعا نحو تبني انماط تفكير وعمل مغايرة.

 

 "وضعنا في العراق خطر" هذا ما اشار اليه الاستاذ مصطفى سعدون، إذ قال: نحن مقبلون على كوارث في حال بقيت إدارة ملف المياه سيئة بهذه الطريقة، وأقصد هنا بالإدارة السيئة هي التبذير المستمر والاستهلاك غير الصحيح تحذيرات الخبراء من تعرض العراق للتصحر والجفاف خلال السنوات المقبلة، تتطابق مع تقرير وزارة الموارد المائية عام 2018، وتُشير إلى أن "العراق خسر 30% من كميات المياه التي كان يحصل عليها من نهري دجلة والفرات، وخلال السنوات المقبلة التي لم يحددها التقرير، ستصل نسبة خسارته إلى 50%".

 

يمتلك العراق ثلاثة أنهر طويلة وهي دجلة والفرات والدجيل، ويمتلك نحو 35 نهراً قصيراً و11 بحيرة مائية. وكان العراق يحصل على 33 مليار متر مكعب سنوياً من مياه نهر الفرات في السابق بحسب رأي الخبراء، لكنه اليوم يحصل على 16 مليار متر مكعب، بسبب الجفاف وتغير المناخ. ويقول الدكتور اياد عبد المحسن، أستاذ مادة التلوث البيئي في كلية العلوم بالجامعة المستنصرية ببغداد خلال مقابلة مع VICE عربية: "الصراع العالمي القادم سيكون على مصادر المياه، هذا الصراع سوف ينعكس سوء إدارة المياه على البيئة والبشر بشكل كارثي، وقد نشهد المزيد من موجات النزوح من مناطق إلى أخرى."

 

 ولفت الدكتور دياري صالح، في حديثه إلى ان ازمة المياه ازدادت سوءاً بعد 2003. ولم يستفد العراق من التطورات التي حصلت بعد هذا التاريخ لإجبار تركيا على اعادة النظر في سياساتها المائية أو في اعادة توصيف دجلة والفرات من الناحية القانونية. وتفاقمت الاوضاع بعد ان دخلت إيران على مسار هذه الازمة. الكل يعرف جيدا كيف يستثمر جغرافيته سياسيا، الا العراق! تقارير كثيرة كما اشرت حضرتك تؤكد اليوم على حتمية تأثير ازمة المياه على الأمن بجوانبه المتعددة. الحوادث والشواهد الحالية كثيرة، وكلها تنبئ بأن هنالك عواقب اجتماعية عديدة لهذه الازمة، عواقب لن يقوى نظام هذه المرحلة على مواجهتها مالم تتغير السلوكيات والقناعات.

 

 واكد الاستاذ مصطفى سعدون: ان غياب رقابة الدولة، ولا مبالاة وتبذير المواطن، وصراع المزارعين في الجنوب على تغيير مجرى المياه، كلها أسباب أدت إلى تبذير نِعمة كبيرة اسمها المياه. أعتقد أننا الشعب الوحيد الذي يغسل سياراته بمياه صالحة للشرب، ويقف عصر كل يوم "يرشرش" الباب لوقت طويل بمياه صالحة للشرب، غير مدرك لخطر الإسراف. المشكلة تتحملها الحكومات قبل وبعد 2003 وكذلك المواطن.

 

 وحول فكرة نقل المياه من الخليج سواء المحلاة أو التي تتم تحليتها في اماكن وصولها قال الاستاذ عادل شبر انها هي فكرة صحيحة وخيار مستدام لان البحر أو الخليج العربي مصدر دائم وآمن للمياه ولا يتاثر بالظروف المناخية ولا بالنزاعات والابتزازات السياسية الخ. ولكن كما هو معروف مياه البحر غير صالحة للشرب ولابد من تحليتها. تقنيات التحلية وبسبب التطور العلمي والتقني اصحبت رخيصة وربطها وتكاملها مع الطاقة المتجددة وخاصة الشمسية جعلها حلاً أكثر استدامة وصداقة للبيئة. فعلى سبيل المثال يمكن حساب كلفة التحلية بصورة تقريبية بمقدار مليون دولار لكل ألف متر مكعب من المياه باليوم. وعليه يمكن حساب كلفة المحطات لإنتاج المياه المحلاة الصالحة للشرب لإنتاج 3 مليون متر مكعب باليوم هي 3 مليار دولار والتي تكفي لحاجة 30 مليون نسمة بمعدل 100 لتر باليوم لكل شخص. الكلفة التشغيلية لكل متر مكعب (1000 لتر) هي اقل من نصف دولار وهي كلفة جدا معقولة إذا الطاقة مصدرها الطاقة الشمسية الحرارية.

 

فكرة نقل المياه بأنابيب كونكريتية وكبيرة الاقطار (2-2.5 متر) اقل كلفة من نقلها بقناة مفتوحة لان كلفة الأنابيب ليست غالية كثيرا (تقريبا مليون دولار لكل كيلومتر) بل يمكن ان تكون اقل من ذلك (اقل من 1000 دولار للمتر الواحد وهو رقم معقول) كذلك الانابيب تدفن تحت الارض ولن تحدث فيها مشاكل العفونة أو رمي الفضلات أو التبخير كما يحدث مع القناة المفتوحة.

 

ويمكن أيصال وصول مياه الخليج إلى بحر النجف والذي هو منخفض طبيعي واقل من مستوى سطح البحر يجعل عملية الضخ اقل كلفة. كذلك وصول يمكن ملء المنخفض الطبيعي بين بحر النجف والرزازة وما لذلك من اثر على المناخ المحلي وتكوين حزام مائي حول الصحراء لتقليل الرمال ولتوفير بيئة مائية للأسماك والطيور الخ. كذلك يمكن زراعة الجوانب بالأشجار التي تعيش على المياه المالحة مثل شجرة القرم وغيرها من الاشجار والنباتات الطبيعية التي تعيش على المياه المالحة. ومن ثم تنشط السياحة والتنمية الطبيعية والاقتصادية. كما ذكرت الموضوع يحتاج إلى دراسة جدوى اقتصادية ومسح طوبوغرافي ودراسات بيئية الخ. ولكن هنا نتكلم عن مشروع وطني استراتيجي وحيوي يحقق الأمن المائي للشرب والاستخدامات المنزلية لأكثر من 30 مليون نسمة بكلفة لا تزيد على 6-7 مليار دولار والتي تعد رقما صغيرا مقابل المليارات التي تنفق على مشاريع اقل اهمية لتحقيق الامن الوطني. كذلك المشروع يعد استثماريا؛ لان المياه المنتجة لن تعطى مجانا للمواطنين بل بكلف معقولة.

 

إضافةً إلى ذلك يمكن استخدام المياه المحلاة للزراعة والري بالتنقيط وبمعدل تقريبا واحد متر مكعب من المياه المحلاة تكفي لزراعة 200 متر مربع من الخضروات والنباتات والاشجار في بيوت بلاستيكية. اي هناك امكانية للزراعة ولكن ليست للمحاصيل الاستراتيجية مثل الرز والحنطة والشعير.

 

المتوقع عندما يستغني العراق عن دول الجوار في موضوع المياه سيتوفر الماء لان دول الجوار لن تستفيد من حجز المياه ولن تستطيع إبتزاز العراق سياسيا أو إستغلاله اقتصاديا كما هو الحال الان.

 

 

 

"الاستمطار الصناعي"

 

فيما بين الدكتور فاضل الغراوي ان الاستمطار الصناعي وإثره على حقوق الانسان البيئية يعد حق الحياة من الحقوق الاساسية للإنسان ويتبع هذا الحق مجموعة من الحقوق وفي مقدمتها حق الانسان في البيئة، وقد يكون شح المياه والجفاف مشكلة كبيرة في العراق وخصوصا ان الطقس فيه يتميز بارتفاع درجات الحرارة التي تصل إلى 50 درجة مئوية. ولقد أسهم انخفاض نسبة الأمطار وتزايد موجات الجفاف والعواصف الرملية في الآونة الأخيرة في تفاقم حدة هذه المشكلة وزيادة المعاناة لدى المواطنين اضافة إلى جملة من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والنفسية والصحية السلبية الناتجة عنه.

 

وبسبب شحة الخزين المائي وعدم التوصل لاتفاق مع دول المصب لنهري دجلة والفرات لمعالجة ازمة المياه التي قد تصل ذروتها خلال الاعوام الخمسة القادمة مع زيادة كبيرة في تكرار العواصف الرملية، ومن ثم كان لزاما البحث عن حلول عملية وعاجلة لمعالجة هذه المشكلات ومن الحلول المطروحة بقوة حاليا لعلاج قلة نسبة الإمطار وحدة الجفاف عموما، هو استمطار السحب صناعيا وتحفيزها على إسقاط محتواها من بخار الماء والمياه الكامنة فيها.

 

ويتطلب نجاح عملية الاستمطار وتحقيق الأهداف المرجوة منها توافر أكثر من ظرف وعامل ملائم، مثل أن تكون السحب الركامية وانتشارها على مساحات معينة ووجود تيارات الهواء الصاعد والمحمل بالرطوبة أو بخار الماء، بالإضافة إلى إتمام عملية الحقن في الوقت المناسب، وحقن كمية مناسبة من المواد الكيميائية المحفزة تكفي لسقوط المطر. وتكمن اهمية الاستمطار الصناعي بان هناك بعض الفوائد التي يمكن تحقيقها من وراء هذه التقنية الحديثة.

 

وبالنسبة لكلفة الاستمطار الصناعي فهي قليلة جدا قياسا للحلول الاخرى فمثلا كافة استمطار (25) سحابة يصل إلى 3000 الاف دولار فقط مع نتائج مضمونة بنسبة 100% وبحسب المختصين فان العراق سيقطف ثمار ذلك خلال فترة شهرين فقط مع انخفاض مستمر لدرجات الحرارة يصل إلى 35 في اوج فصل الصيف مع اكتفاء تام لخزين استراتيجي للمياه خلال عام .

 

وهذا يقتضي ان يتخذ مجلس الوزراء قرار استثنائي بالبدء بهذا المشروع الحيوي لإنقاذ العراق من ازمته البيئية .

 

 

 

وعن محطات التحلية تساءل الاستاذ عادل شبر لماذا لا توجد لحد الان محطات تحلية مياه في الفاو؟ ولماذا العراق لا يتجه إلى تنصيب Desalination plants  محطات تحلية مياه على الفاو وتعطيك الكهرباء والماء العذب في الوقت نفسه؟ لماذا لا يطبق العراق ويتخذ من الامارات والسعودية مثالا ويطبق الفكرة نفسها في الاستفادة من مياه الخليج المالحة؟ هل السبب مالي أو اقتصادي؟ هل السبب تخطيط ولا توجد خطة؟ ماذا يحدث لو نفذ خزين المياه في السدود العراقية؟ ماذا سوف يحدث في حالة عدم هطول الامطار لمدة 4 سنوات؟ ماذا سوف يحدث للعراق؟ هل عنده خطة مائية للزراعة والشرب؟ ماذا لو جف نهرا دجلة والفرات تماما اي منعت تركيا وسوريا وإيران تدفق المياه إلى العراق؟ لماذا تركز الموارد المائية على بناء سد مكحول؟ في هذا الوقت؟

 

 

 

"استزراع الصحراء في العراق"

 

حول ذلك قال الاستاذ فاروق الغزالي: ان موضوع استزراع الصحراء في العراق اقل تكلفة بكثير مما هو عليه في السعودية وباستطاعة العراق عند توفر الارادة الحقيقية ان يصبح من الدول المصدرة للقمح خلال سنتين إلى اربع سنوات ودون الاستخدام الجائر للمياه الجوفية وللمعلومات ان الاراضي العراقية تحتوي على مكامن للمياه الجوفية اكثر بكثير مما هو موجود في السعودية، ولو ان اعماق المياه الجوفية نقصت في العراق متر واحد لنقصت المياه الجوفية في السعودية عشرين متر، وفي سياق استزراع الصحراء وبدون الاستخدام الجائر للمياه الجوفية اضرب لكم مثلا: ان الصحراء العراقية الغربية من خط كربلاء نخيب باتجاه بادية البصرة تقريبا بعمق 250 كم وبامتداد 450 كم ويحقق ما مجموعه 45 إلى 50 مليون دونم في هذه المساحة الصحراوية تتخللها فيضات يعني اراضي خصبة تربتها مزيجية تميل إلى الطينية تحتاج كميات قليلة من مياه السقي وفي بعض المواسم وعند هطول الامطار قد تستغني كليا من السقي، وهي تمثل ما نسبته 20 إلى 25%  من المساحة الصحراوية بما مقداره 12 مليون دونم تقريبا وباستخدام طريقة الري بالمرشات المحورية أو الخطية باستخدام تقنية الري التي يمكن صناعتها محليا علما انه يوجد مصنع نمساوي في الاسكندرية متوقف حاليا وفيه اكوام المعدات من الانابيب المغلونة المتروكة التي يمكن اعادة تصنيعها بهذه الطريقة غير المكلفة وبتخصيصات قليلة يمكن انتاج كميات كبيرة الحبوب تصل إلى ملايين الاطنان علما ان غلة انتاج المناطق الصحراوية تفوق الاراضي الطينية وهذه السنة في كربلاء معدل انتاج المرشات تجاوز الطن والنصف للدونم الواحد من محصول الحنطة.

 

طبعا كثير يرى بأن هذا الكلام نظري ولكن هذه الفكرة يمكن تطبيقها ببساطة واستغلال هذه الاراضي من القطاع الخاص برعاية ودعم حكومي بسيط ينتج عنه بالإضافة إلى محاصيل الحبوب يكون هنالك تغيير وتأثير ملموس للحد من ظاهرة التصحر وما ينتج عنه من تغيرات مناخية

 

  وقال الاستاذ ‏عادل شبر لماذا لا توجد خطة حكومية واضحة المعالم مدعومة من منظمة الأمم المتحدة تدخل ضمن مشروع التنمية المستدامة من اجل تحسين البيئة والقضاء على التصحر وتطوير الانتاج الزراعي.

 

وذكر الاستاذ يوسف المحسن: بحسب مبادرة الشرق الاوسط الاخضر التي أطلقتها السعودية في العام 2021 العراق ملزم بزراعة مليار شجرة!

 

إذا لم يكن ملزم على الاقل تعهد بذلك اذا اراد ان يكون جزء من حل مشكلة التصحر في المنطقة.

 

 ختاما طرح الاستاذ ‏عادل شبر ردا للدكتور عادل شريف من لندن جامعة سيري، بان الحل الأمثل والمستدام لمشكلة المياه في العراق في ظل التغيرات المناخية والاحتباس الحراري وموقف دول المنبع تركيا وإيران ومشاريع السدود الضخمة والسياسات المائية الاستفزازية لدول الجوار لا يبقى امام العراق الا خيارات محدودة لمعالجة مشكلة المياه وتحقيق الأمن المائي والأمن الغذائي لأهميتهما وارتباطهم المباشر بالأمن القومي.

 

فبالإضافة إلى الادارة المنظمة للموارد المائية وبضمنها المياه الجوفية والخزن واستخدام التقنيات الحديثة في الري وترشيد استخدام المياه، يبقى الحل الأمثل لمشكلة المياه هو استخدام تقنيات التحلية للمياه المالحة. من حسن حظ العراق انه يملك سواحل على الخليج واستخدام تحلية مياه البحر تعد من أفضل الخيارات لتحقيق الامن المائي ونقل المياه إلى مدن العراق بشبكة من الانابيب الكبيرة كما يحدث في دول الخليج. نعم تقنيات التحلية ليست رخيصة وتحتاج كميات كبيرة من الطاقة ولكن التطور التقني خلال العقود السابقة واعتماد الطاقات المتجددة وخاصة الشمسية جعلت كلفة تحلية مياه البحر تنخفض دون الدولار لكل 1000 لتر من المياه الصالحة للشرب وهو كلفة معقولة لتحقيق الامن المائي على الاقل للشرب والاستخدام المنزلي. العراق كذلك يملك مصدر آخر للمياه التي يمكن استعادة استخدامها لأغراض الشرب والزراعة وهي مياه البزل الزراعي والتي تمتاز بملوحة اقل من ملوحة مياه البحر، ومن ثم كلفة التحلية لها تكون اقل من تحلية مياه البحر. أفضل وأرخص الطرق لتحلية المياه المالحة والاكثر استدامة هي استخدام الطاقة الشمسية الحرارية مع تقنية التنافذ الطبيعي Forward Osmosis وهي تقنية واعدة تم ابتكارها وتطويرها من قبل علماء عراقيين وتم برهنتها في اماكن عديدة في الخليج واوربا وآسيا ويُمكن نقلها إلى العراق دون اية تحديات أو كلف عالية.

 

التحلية هي الطريق الامثل الذي يحقق الامن المائي ويحرر العراق من الابتزاز السياسي والاستغلال الاقتصادي.

 

 

 

الاستنتاجات

 

• الاهمال الواضح وعدم الاهتمام والتصرف بالمياه، سواء في الداخل أو مع الدول المتشارك معها، وقيام الاخيرة باستخدام ذلك كورقة سياسية أو معاقبة البلد الذي تجري اليه المياه.

 

• آفة الفساد الموجودة لم تقتصر على الطبقة السياسية فحسب، للأسف أصبح شبه ثقافة لدى نسبة ليست بالقليلة من المجتمع، فهو يبدأ من الإسراف بالمياه من قبل المواطن، وصولا لأعلى هرم الدولة.

 

• بالرغم من المناشدات والدعوات سواء في المحافل المحلية أو من خلال ما يكتب من مقالات لأشخاص ذوي خبرة في هذا الملف إلى السيطرة على اهم المصادر في البلد، ومنها المياه.

 

• عدم كفاءة القرارات الي تساعد في وقف هدر الاموال لمشاريع غير مجدية، وعدم طرح اي حل مجدي بخصوص ذلك الملف، وان سوء ادارة المياه سوف ينعكس على البيئة والبشر بكارثة

 

قراءة / تحميل