ملتقى الرافدين

رؤية المفكر وعالم الدراسات الاسلامية السيد عبد المجيد الشرفي لمشاهداته، وإنطباعاته عن ملتقى الرافدين 2022 الذي أختتم أعماله في بغداد للفترة من 26 - 29 أيلول الماضي.
السيد الشرفي ولد في صفاقس وهو جامعي تونسي متخصص في الفكر والحضارة الإسلامية ، كتب عشرات الكتب والمراجع المهمة المعتمدة في عدد من الجامعات وفي تخصصات عديدة منها الاسلام والحداثة ، والاسلام بين الرسالة والتأريخ ، وغيرها من الترجمات الى الفرنسية.
كتب السيد الشرفي مقالاً تحدث فيه عن مجريات وجلسات وإطروحات ملتقى الرافدين وفيما يلي نص المقال:
" انطباعات عائد من بغداد "
انعقد الملتقى الرابع الذي نظّمه مركز الرافدين للحوار ببغداد من 26 إلى 29 سبتمبر 2022 بحضور حوالي ألفي مشارك من أكثر من ثلاثين دولة، من فاعلين سياسيين وجامعيين من مختلف الاختصاصات ومثقّفين ومفكّرين وصحفيين.
وقد تشرفتُ بالدعوة التي وُجّهت إليّ لحضوره وعرض بعض الآراء التي عبرتُ عنها في كتاباتي ضمن لقاء خاص حاورني فيه الصحفي والإعلامي اللامع مازن الزيدي.
ورغم هذا العدد الكبير من المشاركين فقد كان التنظيم في غاية الإحكام وشهدت القاعة التي دارت فيها الأشغال رغم اتّساعها حضورا مكثفا لأغلب التظاهرات.
وسمح هذا اللقاء للحاضرين بتبادل الآراء وبالتعارف والاطّلاع على ما يعتمل في الساحة السياسية والثقافية العراقية بالأساس ولكن كذلك في الساحة العربية والدولية. وتنوّعت أشغال الملتقى بين ندوات شارك فيها أحيانا حتى تسعة أشخاص، وحوارات لمسؤولين حكوميين مدنيين وعسكريين، ولرجال اقتصاد وزعماء أحزاب ومفكرين عراقيين وغير عراقيين.
إنّ انعقاد هذا الملتقى ببغداد والعراق ما زال يعاني حالة من عدم الاستقرار لهو دليل على نضج سياسي جدير بالتنويه بعد التجارب التي مرّ بها في العقود الأخيرة، ولا سيما بعد الغزو الأمريكي سنة 2003 والذي أطاح بحكم استبدادي انعدمت فيه حرية التعبير والتنظيم.
فمن الواضح للملاحظ النزيه أنّ العراقيين بصدد البحث عن تجاوز التنظيم الطائفي الذي فرضه الأمريكان قصد تقسيم العراقيين، وعن الانخراط الجدّي في العملية التنموية الشاملة بمساهمة كل أبناء العراق ومختلف مكوّناته.
وربّما كان أهمّ انطباع خرجتُ به بعد حضور أشغال هذا الملتقى هو حرص المنظّمين في مركز الرافدين للحوار على عدم الإقصاء لأيّ من الفاعلين السياسيين، وما اتّسمت به كافة المشاركات مِن بُعد عن الخطاب المتشنّج واللغة الخشبية، ومن صراحة في عرض المشاكل والصعوبات، حتى الحسّاسة منها. وهو لعمري مؤشّر إيجابي على أنّ الممارسة الديمقراطية بصدد الترسّخ في ظروف ليست دائما مواتية.
فهنيئا لمركز الرافدين للحوار بهذا الإنجاز وهذا النجاح وتحيّة إلى كل العاملين فيه وأخصّ بالذكر منهم رئيس مجلس الإدارة السيد زيد الطالقاني. وأنا على يقين بأنّ نشاط هذا المركز وما ينشره من دراسات قيّمة سيكون له أثر إيجابي لا في العراق وحسب بل في سائر الأقطار العربية.
تونس في 1 أكتوبر 2022
عبد المجيد الشرفي
