بسم الله الرحمن الرحيم

»وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ«

صدق الله العلي العظيم

إنطلقت مسيرة مركزنا منذ تسعةِ أعوام وسط أجواء سياسية واجتماعية واقتصادية معقدة، وأزمات كبيرة أفرزتها ظروف البلد، اذ كانت التحديات في اوجها قبيل الاجتياح من قبل داعش الإرهابي وتهديد امن العراق واستقراره، فانبرى داعماً لمسيرة العمل الوطني والعملية الديمقراطية بوصفها خياراً لحل المشكلات والتوافق على الحلول الوطنية.

نحتفل هذه الأيام بالذكرى السنوية التاسعة لتأسيس مركز الرافدين للحوار RCD، وإنطلاقته العملية في ميادين الثقافة والفكر، التي حقق خلالها مركزنا بوصفه مؤسسة لرعاية الأبحاث والدراسات الإستراتيجية، وترجمة الأفكار لبرامج عمل تُوظف القدرات والإمكانات تمثلت بـ( 72 ) كتاباً و( 44 ) دراسة حالة و( 12 ) أطروحة و رسالة جامعية، وعشـرات النشـرات الفصلية ، والمجلات الدورية الصادرة كل ثلاثة أشهر، والتي أثرت المكتبة العراقية والعربية والاجنبية بنتاجات رصينة وباللغتين العربية والانكليزية، والتي وثقت حجم الجهود العلمية والمهنية الداعمة لمسيرة التقدم والتطور العلمي والثقافي.

إن اتساع المكّانة العلمية والإعتبارية لمركزنا على الصعيد المحلي والعربي والدولي جعلت منه هدفاً للإحقاد، اذ تم استهدافه بقنابل يدوية يوم7/2/2020، ثم عاودت تلك المجموعات الظلامية قصف المركز بصاروخ محمول في 24/8/2021، أدت تلك الإعتداءآت الى وقوع أضرار جسيمة في المبنى الرئيس للمركز في مدينة النجف الأشرف، وجرح عدد من الملاكات العاملة فيه، يُرافقها بشكل مستمر حملات دعائية مضللة مصحوبة بإتهامات لا تمت للواقع بأي صلةٍ كانت، والهدف منها تشويه صورة المركز أمام الرأي العام.

لقد شكّل الحوار الهادف وبلورة التصورات والنقاشات رصيداً مهماً أسهم في تكثيف وتنضيج رؤى قادرة على الاستشـراف لمواجهة المتغيرات المستقبلية، على المستويات السياسية والاقتصادية والعلمية والبيئية، والأمن والطاقة، وتنظيم أكثر من ( 150 ) ندوة حوارية وجلسة نقاشية وأربعة ملتقيات دولية تجاوز النقاش في اروقتها 

الـ ( 130 ) محوراً منقولاً مباشرةً على فضاء عدد كبير من القنوات التلفزيونية والمنصات الإعلامية الاخرى، ضمن مناخ إيجابي يضمن الشفافية في التقديم والحوار، وتنظيم عدد من الإستبيانات والإستطلاعات الميدانية حول عدد من المستجدات والاحداث المؤثرة في الواقع السياسي وباقي القطاعات الاخرى، التي لاقت تفاعلاً وإستجابةً واسعة من عموم المهتمين، وهي تجربةٌ فريدةٌ ورائدة في العراق والمنطقة، شكلت إطاراً لولادة المشـروعات الهادفة، وصبّها في خدمة السياسات العامة التي تتبناها الدولة.

لقد وفر مركز الرافدين للحوار RCD منذ تأسيسه نافذة للتواصل الحضاري والإنساني مع شعوب العالم المختلفة، والانفتاح على ثقافاتهم المعرفية، وإظهار الأثر الكبير للحضارة العراقية التي تعد من المقوّمات الراسخة للقيم الإيجابية السائدة، واستطاع مركزنا ان يعقد شراكات مع مؤسسات تجارية رصينة ومعروفة للتمويل وصل عددها الى مايقارب ( 12 )  جهة رسمية وغير رسمية، عززت هذه الشـراكات من الدور الريادي لمركزنا، انطلاقاً من مبدأ الثقة في التعاون الايجابي والذي تمكن مركزنا من ترسخيه في مختلف نشاطاته، ويُعد إلتزامه بمبدأ الشفافية في التعامل والإعلان بشكل مستمر عن مصادر تمويل الانشطة والفعاليات المقامة على مدى تسعة سنوات.

لقد توّجت تلك الجهود في حصول الموافقة على إختيار مركز الرافدين للحوار RCD مستشاراً في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة في نيويورك (United Nations Economic and Social Council) ، كما وعقد مركزنا ( 13 ) اتفاقية شراكة مع منظمات محلية، و( 42 ) مذكرة تفاهم مع مراكز ومؤسسات عالمية من ( 19 ) دولة، فلم يعد المركز مجرد إسمٍ لامعٍ في فضاء مراكز الفكر والابحاث والدراسات حول العالم فحسب، بل تخطت ملاكاته حاجز الـ( 100 ) باحث وإكاديمي، تراوحت الالقاب العلمية للبعض منهم بين إستاذ وإستاذ مساعد يرتبطون مباشرة أو عبّر عقود مشـروعات محددة لمئاتٍ من الدراسات والتقريرات الإستراتيجية التي شكلت منعطفاً واضحاً في البحث العلمي.

اننا اذ نقف على اعتاب عامنا العاشر فإننا ماضون بوتيرة اسرع وأمضـى من ذي قبل، لنواصل عملنا لفتح آفاق جديدة في الحوار والبحث والنشـر العلمي والترجمة، وإقامة المؤتمرات الدولية، بالتعاون مع العنوانات الوطنية والأجنبية ومؤسسات الأبحاث والدراسات، فضلا عن المؤسسات الرسمية، والمنظمات غير الحكومية، لتحقيق رسالتنا ورؤيتها وأهدافها، وبما يخدم أبناء وطننا العزيز.

والله تعالى من وراء القصد

مركز الرافدين للحوار RCD

2/شباط ( فبراير) /2023