نقاط الالتقاء ومواضع التنازع بين الشيعة والسنة
أدار الجلسة الدكتور عبد الله الجنابي، وسط حضور متميز ومتنوع من مختلف شرائح المجتمع العراقي.
وفيما يأتي أبرز الاستنتاجات والتوصيات التي خلصت إليها الجلسة الحوارية:
أولا: أبرز الاستنتاجات والتأملات الفكرية
1. التنوير ومراجعة الروايات المؤسسة:
أكّد الدكتور زيدان على ضرورة ممارسة دور تنويري جريء يتجاوز السرديات التاريخية التقليدية، عبر تفكيك الروايات المؤسسة، لا سيّما في المجال الديني، مستعينا بأدوات العقل، والتحقيق النصي، والقراءة اللغوية العميقة.
2. نقد الوثائق المزيفة وأثرها التاريخي:
ضرب مثالا بوثيقة “تبرّع قسطنطين للبابا” (هبة قسطنطين)، التي مثّل اكتشاف زيفها نقطة تحوّل في التاريخ الأوروبي، ليشير إلى أهمية الكشف عن الوثائق المزورة في سياقنا العربي الإسلامي، كمحفز على النهضة وإعمال العقل.
3. النزاع السني الشيعي… سياسي لا عقدي:
طرح رؤية مفادها أن جوهر الخلاف بين السنة والشيعة تاريخي سياسي، وليس دينيا عقديا كما يُصوَّر، وهو ما يدعو إلى إعادة قراءة هذا الانقسام برؤية نقدية هادئة.
4. إعادة التفكير في الهوية:
دعا زيدان إلى مراجعة مفهوم الهوية، معتبرا أن الانتماءات المذهبية والطائفية يجب ألا تطغى على الانتماء الأشمل للإنسانية، ثم الإسلام، فالمذاهب.
5. توظيف النصوص الدينية لتبرير العنف من قبل الكيان الاسرائيلي:
تناول بالتحليل كيف أن السلوك الإسرائيلي المعاصر يوظّف نصوصا توراتية ذات طابع دموي وإقصائي لتبرير سياساته العدوانية، دون تمييز طائفي، وهو ما يستدعي وعيا نقديا بخطورة استخدام الدين في تبرير العنف.
6. المذاهب الاسلامية وتحديات الجهل:
أشار إلى أن التوترات المذهبية المتفاقمة غالبا ما تُغذى بالجهل العام، الذي يُستغل سياسيا لصناعة اصطفافات وانقسامات تصب في مصلحة الصراع لا التعايش.
ثانيا: توصيات فكرية وثقافية
1. دعم المفكرين التنويريين من داخل الثقافة:
أكّد الحضور على ضرورة احتضان المفكرين النقديين من داخل الثقافة العربية والإسلامية، أمثال يوسف زيدان، بدلا من الاكتفاء بنماذج مستوردة لا تنبع من واقعنا.
2. تعميق الوعي التاريخي والنقدي:
أوصى بإعادة النظر في المناهج التعليمية لتكون أكثر قربا من الحقيقة، وأقل انحيازا للتقديس الأعمى أو الطمس المتعمد للوقائع.
3. تعزيز المشترك الإنساني والإسلامي:
شددت الجلسة على أهمية ترسيخ قيم الوحدة الإنسانية والإسلامية، وجعلها فوق الانتماءات المذهبية أو الطائفية الضيقة.
4. إعادة تعريف الهوية:
تم التأكيد على أن الهوية تنطلق من كون الإنسان إنسانا، ثم مسلما، تليه التفاصيل العقدية، مع الحذر من قلب هذا الترتيب بما يؤدي إلى الانقسام والتناحر.
5. ترسيخ الحوار العقلاني بين المذاهب:
الدعوة إلى تبنّي خطاب علمي هادئ، ونبذ التشنج والانفعال عند تناول القضايا الخلافية، بما يهيّئ الأرضية لحوار مثمر يُقلّل من الاستقطاب.
6. مواجهة تسطيح الوعي الشعبي:
جرى التنبيه إلى خطورة تسطيح الفكر الشعبي، وضرورة مواجهة هذا التبسيط المخلّ الذي يُغذّي الطائفية والتوتر الاجتماعي.
7. الفصل بين الدين والسياسة:
اختُتمت الجلسة بالتأكيد على أهمية عدم تسييس الدين أو تديين السياسة، حفاظا على نقاء الإيمان من جهة، ومنعا لاستخدام الدين كأداة للصراع السياسي من جهة أخرى.
ختاما، كانت هذه الجلسة الفكرية محطة ثرية لمراجعة الكثير من المسلمات، ودعوة صريحة لاستعادة دور العقل في فهم الدين والتاريخ، وصياغة هوية تتجاوز الانتماءات الضيقة نحو أفق إنساني وإسلامي أرحب