تساؤلات إشكالية حول إمكانية نشوء لاهوت إسلامي حديث

أدار الجلسة الدكتور عبد الله الجنابي، وسط حضور نوعي من الأساتذة والأكاديميين والمثقفين المهتمين بقضايا الفكر الديني وتجديده، حيث شهدت الجلسة تفاعلاً حيويا ونقاشا معمّقا حول الإشكاليات التي يثيرها مفهوم "اللاهوت الإسلامي الحديث" في ظل التحولات الفكرية والاجتماعية المعاصرة.
وفيما يأتي أبرز الاستنتاجات والتوصيات التي خلصت إليها الجلسة الحوارية:
أولاً: الاستنتاجات
1- أن مفهوم "اللاهوت الحديث" نشأ في الغرب كردّ فعل على الكوارث الإنسانية الكبرى، وخاصة الهولوكوست، وتحوّل إلى تفكير في معنى الإله في ظل الألم والشر.
2- اللاهوت الكلاسيكي في الديانات الإبراهيمية ركّز على الله المتعالي المنزّه، بينما اللاهوت الحديث حاول مقاربة "الإله القريب من الإنسان".
3- علم الكلام الإسلامي القديم شابه اللاهوت الكلاسيكي في كونه دفاعاً عن العقيدة، لا تأملاً في التجربة الإنسانية.
4- هناك محاولات محدودة في الفكر الإسلامي لتأسيس "علم كلام جديد" أو "لاهوت إسلامي" (سيد أحمد خان، شبل النعمان، نصر حامد أبو زيد، عبد الجواد ياسين وغيرهم).
5- الحاجة إلى لاهوت إسلامي حديث تنبع من تحديات الواقع المعاصر: البيئة، العدالة، المعاناة، المرأة، المهمشون، والشرور في العالم.
6- مفهوم "لاهوت الاحتجاج" يمثل تحوّلاً من التبرير إلى التساؤل، ومن التسليم المطلق إلى الحوار مع الإله والقدر.
7- التراث الصوفي الإسلامي يقدّم ملامح مبكرة للاهوت الاحتجاج من خلال أعمال مثل مصيبة نامه لعطار النيشابوري.
8- الفجوة بين الفكر الفلسفي الغربي والفكر الإسلامي الراهن تجعل الحديث عن لاهوت إسلامي حديث مهمة فكرية معقدة وحساسة.
9- الخطر في أي مشروع لاهوتي جديد هو أن يتحوّل إلى خطاب سياسي أو إيديولوجي بدلاً من أن يكون خطاباً معرفياً وروحياً.
10- الحاجة اليوم ليست فقط إلى "لاهوت" بالمعنى الغربي، بل إلى تجديد شامل للرؤية الإسلامية لله والإنسان والكون ضمن إطار التوحيد.
ثانياً: التوصيات
1- ضرورة فتح نقاش أكاديمي موسّع حول "اللاهوت الإسلامي الحديث" بوصفه حقلاً بحثياً مستقلاً لا مجرد فرع من علم الكلام.
2- تأسيس مراكز دراسات أو أقسام جامعية تُعنى بموضوعات اللاهوت المقارن والفكر الديني الحديث.
3- تشجيع ترجمة ودراسة أعمال المفكرين الذين تناولوا اللاهوت الحديث، مثل بولتمان، شلايرماخر، نوفيت كرماني، ويوسف زيدان.
4- مراجعة التراث الإسلامي بروح نقدية لا لتقويضه بل لفهم إمكاناته في مخاطبة الإنسان المعاصر.
5- ضرورة إشراك الفلاسفة وعلماء الاجتماع والنفس في صياغة "لاهوت إنساني" يتفاعل مع قضايا الواقع.
6- إدخال موضوعات "الشر والمعاناة والعدالة الإلهية" في مناهج الدراسات الإسلامية بطريقة فلسفية عميقة.
7- العمل على صياغة خطاب ديني عقلاني يوازن بين النص والعقل والتجربة الإنسانية.
8- تشجيع الحوار بين المدارس الفكرية (السلفية، الصوفية، العقلانية) لإيجاد رؤية توحيدية متكاملة.
9- الانفتاح على التجربة الغربية في اللاهوت مع الحفاظ على خصوصية الرؤية التوحيدية الإسلامية.
10- دعم المؤتمرات والمجلات العلمية التي تتناول قضايا اللاهوت الحديث وتفاعله مع علم الكلام الجديد.


